نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي بمناسبة ذكرى إستشهاد الإمام زيد عليه السلام
صنعاء – نص كلمة السيد القائد
وجه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي كلمة بمناسبة ذكرى إستشهاد الإمام زيد عليه السلام
فيما يلي نصها :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الأعزاء الحاضرون في الحفل المركزي، أيها الأخوة والأخوات المستمعون في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرت بنا في العاشر من هذا الشهر شهر محرم ذكرى الواقعة والفاجعة التاريخية الكبرى، ذكبرى استشهاد سبط رسول الله ورحياته الإمام الحسين عليه السلام سيد شباب أهل الجنة، وتأتي في هذا اليوم ذكرى أخرى هي امتداد لتلك الذكرى أيضاً، هي ذكرى استشهاد حفيده الإمام الشهيد زيد بن علي زين العابدين وسيد الساجدين ابن الإمام الحسين عليهم السلام.
والإمام زيد عليه السلام كانت ثورته وكان قيامه وكانت حركته امتداداً لقيام وثورة وحركة جده الإمام الحسين عليه السلام، امتداداً كلياً، امتدادً في الجوهر والمضمون، في الروح والهدف، امتداداً في الموقف، امتداداً في التوجه، امتداداً في طبيعة الظروف والدوافع.
هي امتدادٌ لحركة الإسلام حركة الإسلام في حقيقته في مبادئه في جوهره في قيمه في أخلاقه، امتداد لحركة الإيمان بالاستجابة لله سبحانه وتعالى، ونحن حينما نُحيي هذه الذكرى نحيها بعدة اعتبارات كواقعة وحادثةٍ تاريخية مهمة لها تأثيرها الكبير وامتد هذا التأثير في الأمة جيلاً بعد جيل، لها أهميتها في كل شيء، في مضمونها، في أسبابها، في مستوياتها، في أهدافها، في تأثيرها، فيها من العبر والدروس التي نحتاج إليها اليوم، نستفيد منها كواقعة تاريخية لها صلة بالتاريخ الذي امتد تأثيره إلى الحاضر، فما حاضرها اليوم بكل ما فيه إلا امتداد لذلك الماضي.
نحييها باعتبارها ذكرى لعَلم عظيم من أعلام الهدى، من رموز الإسلام، رجلٍ عظيمٍ حمل راية الإسلام في الأمة، ورفع صوت الحق في زمن السكوت، وتحرك في أوساط الأمة كل الأمة بهدف إنقاذها من الضلال والظلمات والظلم والقهر والطغيان، فهو باعتباره رمزاً من رموز الإسلام، وعلماً من أعلام الهدى، هو في موقع القدوة ، وفي موقع الأسوة، نتطلع إليه، إلى جهاده، إلى سيرته، إلى مواقفه، إلى أقواله، إلى علومه، إلى كل ما قدمه للأمة وما قدمه إنما قدمه من خلال ما اهتدى به وما التزم به وما تحلى به من مبادئ الإسلام وقيم الإسلام وأخلاق الإسلام وتعاليم الإسلام فهو رمز إسلاميٍ نرتبط به في الدين قدوة وعلم هدى، وهو أيضاً رمز للأمة فيما قدمه للأمة، لقد جرى في العرف الإنساني أن تحتفل الشعوب وتحتفل الأمم بذكرى أمجادها، وبذكرى عظمائها، وأن تخلد لعظمائها ذكراهم الذين أسهموا في أممهم بما قدموه لها على مستوى الإنقاذ لها الدفاع عنها، النهضة بها، الإصلاح في واقعها، جرى عُرف البشرية أن تمجد عظماءها وتخلد ذكراهم، وأن تجعل منهم فيما كانوا عليه وفيما قدموه أن تجعل منهم القدوة التي ينجذب إليها الجميع ويقتدي بها الجميع ويتأثر بها الجميع، فيكون للذكرى ويكون لذلك الارتباط الوجداني والنفسي والثقافي أثره الكبير في حياة الأمم، في نهضة الأمم، في نشاط الأمم، في تحمل الأمم للمسؤولية، وفي استعدادها لتحمل أعباء المسؤولية.
الإمام زيد عليه السلام قدم للأمة الكثير الكثير، من يقرأ التأريخ يعرف ذلك، من يقرأ التراث الإسلامي يعرف ذلك.
وعلى كلٍ نحن عندما نحيي هذه الذكرى نحيها من واقع نحن في أمس الحاجة فيه إلى الاستفادة من الإمام زيد عليه السلام، من الاستفادة من أعلام الهدى ومن رموز الإسلام، إلى الاستفادة من حركة التاريخ بكله فيما يزيدنا وعياً ويزيدنا بصيرة ويزيدنا همة ويزيدنا فهماً للمسئولية وفهماً لما علينا أن نقدم ويزيدنا عزماً وصبراً وثباتاً في مواقفنا.
الإمام زيد عليه السلام تحرك بكل ما يحمله من مبادئ وقيم وبكل تلك الأهداف العظيمة والمهمة التي أعلن عنها ونادى بها في أوساط الأمة واستشهد مظلوماً وكانت مظلوميته أيضاً مظلومية سطرها التاريخ مؤلمة جداً تقدم بذاتها وبنفسها الكثير من الحقائق والدروس والعبر، استشهد الإمام زيد عليه السلام، أُخرج بعد الاستشهاد من قبره، صُلب لسنوات عديدة، عُرّي جسده الشريف وبقي مصلوباً، في نهاية المطاف، أنزلوا جسده الشريف من على العود الذي كان مصلوباً عليه وقاموا أيضاً بإحراقه، ثم ذروه في نهر الفرات حتى لا يبقى منه أي أثر
ولا يبقى له أي ذكر، لكن مع كل ذلك بقي الإمام زيد عليه السلام في أوساط الأمة بقي منهجاً، بقي ثورة بقي موقفاً بقي درساً كبيراً للأمة، بقي في الوجدان مشاعر حبٍ وإعزاز، وبقي في التراث علماً ومعرفة وهداية، وبقي موقفاً يذكر وموقفاً يعتبر وموقفاً يؤثر في إحياء الأمة وتحريك الأمة واستنهاض الأمة.
الإمام زيد عليه السلام، ما الذي حركه ما الذي دفعه ما الذي جعله ينهض في ضروف صعبة وحساسة ويضحي تلك التضحية، من يعود إلى التاريخ ويستقرئ الظروف التي تحرك فيها الإمام الشهيد زيد بن علي عليهما السلام يعرف جيداً أن تلك إنما كانت هي حركة الإسلام وحركة القرآن وحركة النهج المحمدي الأصلي قام بها ونهض بها وجسّدها وأحياها الإمام الشهيد زيد عليه السلام.
لقد عانت الأمة من التسلط الأموي الذي استفاد من موقعه في السلطة وكان وصوله كارثة كبيرة على الأمة في كل شيء على الأمة في دينها ودنياها على الأمة في حاضرها ومستقبلها، حاضرها آنذاك ومستقبلها الممتد عبر التاريخ وعبر الأجيال.
التسلط الأموي كان يشكل خطورة كبيرة جداً على الأمة، لأنه يتناقض في أهدافه، وفي سلوكه، وفي ممارساتها، مع كل مبادئ هذه الأمة مع مشروعها الأساس الذي من المفترض أن تُبنى عليه في واقعها بكله، في نظام أمرها، في السلطة، في الحكم، في شأنها الاجتماعي، في شأنها السياسي، في واقعها الأخلاقي، في دورها الحضاري، في كل ما يتصل بها، إن هذه الأمة هي أمة الإسلام، هي أمة محمد، هي أمة القرآن.
ومن المفترض وما هو طبيعي في حقنا أن يُبنى واقعها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأن يحدد دورها حضارياً طبقاً لذلك، طبقاً للمبادئ، طبقاً للتعاليم، طبقاً للأخلاق، طبقاً للقيم التي أتى بها هذا الإسلام، التي تضمنها القرآن، التي بلغها محمد، وأقامها محمد، وسعى لإحيائها رسول الله محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وهي المبادئ العظيمة، المبادئ السامية، الأخلاق الكريمة، التي أرادها الله لعباده، والتي هي متطابقة مع الفطرة الإنسانية، {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}.
الإسلام مشروعه للإسلام مشروع سمو، مشروع أخلاق، مشروع كرامة، مشروع عدالة، ولكن لا أبقى الأمويون في الأمة كرامة، لا أبقوا لها كرامة، ولا أبقوا لها عزة، ولا أبقوا لها سمواً، وكان أداءهم وممارساتهم الظالمة إنما هي على النقيض من مبادئ هذا الإسلام من جوهر هذا الإسلام مع استغلالهم لما بقي من شكليات لم يروا فيها أنها تؤثر عليهم وإنما رأوا فيها أنهم احتووها فصارت ضمن وسائلهم وأدواتهم التي يستغلونها في التحكم بالأمة والسيطرة على الأمة.
إن مظلومة آل البيت عليهم السلام في التاريخ لم تكن أبداً لشأنٍ يخصهم ولا لأمر لا يتجاوزهم إنما كانت مظلومية الأمة بكلها، لم يكن لهم ولا لأنصارهم، ولا لمن تحرك معهم في أوساط الأمة، أي شأن خاص أو مكاسب شخصية، أو أطماع شخصية، أو نازعات لاعتبارات محدودة، لا، التسلط الأموي استهدف الأمة بكلها منذ بدايته منذ يومه الأول، واستهدفها في المبادئ لأنه كان يرى أنه لا يستطيع أن يتحكم بالأمة أن يسيطر عليها إلا بعد أن يهدف فيها المبادئ وأن يهدم منها القيم والأخلاق والوعي وأن يخرجها من النور الذي أتى بها رسول الله محمد وقدمه من خلال كتاب الله الكريم أن يخرجها من ذلك النور إلى الظلمات المتراكمة ظلمات التضليل وظلمات الإفساد.
الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كان قد قدم إنذاراً مبكراً بخطورة هذا التسلط الأموي وبهذا الدور الهدام لبني أمية.
الرسول رأى في منامه يوماً ما أن بني أمية ينزون على منبره الشريف نزو القردة، فأزعجه ذلك جداً، وعرف بما عرفه الله بما أخبره الله بوحي الله سبحانه وتعالى أنهم سيتمكنون يوماً من الوصول إلى التحكم بمقاليد أمر الأمة، وأنهم سيصلون يوماً ما إلى موقع السلطة وموقع القرار في هذه الأمة ومن ثم ستكون ممارساتهم في الأمة في كل ما يفعلونه في واقع الأمة، سياساتهم، توجهات، أسلوبهم في الحكم تصرفاتهم بكلها، كلها خارجة وشاذة عن النهج الإسلامي وعن النهج الفطري، عن الفطرة الإنسانية، لأنها ستقوم على الظلم والتسلط والاستهتار واللامبالاة.
الرسول كان أخبر عنهم أنهم في المرحلة التي يتحكموا بها سيكون برنامجهم في الأمة إنما هو البرنامج الشيطاني والبرنامج النفاقي، وقال عنهم وهو يصف الحالة التي إن وصلوا إليها ماذا سيعملون (اتخذوا دين الله دغلا، وعباده خولا، وماله دولا).
كلمات جامعة، كلمات معبرة، كلمات مهمة، تستحق التأمل، وتستحق الترديد، وتستحق التذكار، كلمات من تأملها يدرك من خلالها الخطورة الرهيبة، الخطورة القصوى لذلك الدور الهدام، والهدام جداً والهدام إلى أسوأ ما يمكن أن نتصور، دين الله الذي هو نور يخرج الناس من الظلمات الذي هو بصائر الذي هو وعي الذي هو السمو للإنسان، الذي هو السبيل لترشيد هذا الإنسان ليكون إنساناً راشداً، واعياً، فاهماً، تصوراته مفاهيمه، أفكاره نقية سليمة، لا تشوبها الخرافة، ولا تشوبها الأباطيل، ولا يشوبها الظلام والضلال.
دين الله الذي هو زكاء لنفسية الإنسان، وتطهير لنفسية الإنسان، فتسموا نفسه وتزكوا وتطهر نفسيته، ويطهر قلبه، فحمل كل مشاعر الخير، وكل الإحساس الإنساني، وكل الوجدان الخيري، حتى يتأصل في تفكيره وفي وجدانه وفي نفسيته الخير كل الخير، الدين دين الله، الذي هو بتعاليمه والذي هو بمنهجه والذي هو بنظامه يرمي إلى إحقاق الحق وإقامة العدل في الحياة، والسمو بهذا الإنسان لاستنقاذه من الضياع في هذه الحياة لا يضيع كالحيوانات والأنعام بلا هدف سامٍ، بلا مشروع عظيم ومقدس يليق بهذا الإنسان، يليق بالكرامة التي كرمه الله بها، يليق بالدور الذي أراده الله له، يتخذونه دغلا، كيف؟ جناية مباشرة على الدين، استهداف مباشر إلى الدين، كيف هو هذا الاستهداف إنه من خلال التزييف والتحريف، التزييف الذي يعمد إلى تقديم قوالب جديدة باسم الدين نفسه، محسوبة على الإسلام نفسه، قوالب جديدة، تصورات جديدة، مفاهيم جديدة مختلفة، هي تخدمهم، هي تمكن لهم، هي تهيئ لهم الظروف الملائمة لفعل ما يشاؤون ويريدون، لقد صنعوا في الإسلام وداخل الإسلام إسلاماً من نوعٍ آخر، مفاهيم كثيرة، حسبت على الإسلام، وليست من الإسلام، وهم عمدوا إلى لبس الحق بالباطل تماماً كما فعل بنوا إسرائيل، وثبتوا ضمن العقائد ضمن المفاهيم الثقافية والفكرية ضمن التصورات ضمن المبادئ ضمن السلوك والأعمال والتعاليم العملية، ضمنوها الكثير والكثير مما كتب مما خطب به على المنابر مما لقن بها الأجيال أو ذلك الجيل، داخل المدارس، داخل الكتاتيب، المساجد، في حلقات الدراسة والعلم، فاستهدفوا المضمون الديني في تعاليمه، في منهجه، في مبادئه، فحرفوا وزيفوا وغيروا، وبدلوا، حتى قولبوا شكلاً للإسلام شيّد فيه الكثير من الباطل وبقي فيه القليل من الحق، واختلط به الكثير من الظلام، وتضاءلت نسبه في ذلك الظلام، حتى صارت في مراحل كثيرة من التاريخ على محو ضعيف لا يكاد يرى إلا أنه بصيص من النور من نوافذ محدودة.
هكذا عملوا، وكان لهذا تأثير كبير، تأثير كبير في مستقبل الأمة، في مواقف الأمة، ولذلك وصلوا إلى درجة التعطيل الفعلي للمشروع الإسلامي في الحياة، فعطلوه من أثره العظيم والسامي في الإنسان فرأينا كيف صنعوا في الإنسان، رأينا الإنسان الذي تأثر بهم، الذي اقتنع لهم، الذي التف حولهم، الذي آمن بهم ونهج نهجهم، كيف صار إنساناً متوحشاً ظلامياً، مفسداً ومتكبراً، ومتوحشاً خالياً من كل المشاعر الإنسانية، لا رحمة لديه، جاهزاً لأن يعمل من أجلهم أي شيء وأن يتصرف أي تصرف، وبذلك استطاعوا أن يفعلوا أشياء كثيرة ما كانت لتفعل في بيئة إسلامية بقيت سليمة، لكن كانوا قد شابوا هذه البيئة الإسلامية وأوبؤها بما لديهم من ضلال وفساد ونشاط تخريبي تخريب للقيم وتخريب للمبادئ، تخريب على المستوى الثقافي، تخريب على المستوى النفسي، في تدنيس النفوس بدلاً من تزكيتها.
فاستطاعوا أن يحركوا الجيوش المكونة من الآلاف من المنتسبين لهذا الدين، من الذين يصلون بالصلاة ويصومون الصيام، وحتى يتلوا بعضهم القرآن، وحتى ينتسبون في المشاعر الإسلامية إلى هذا الإسلام، ليفعلوا ما يمكن أن نتصور أن يفعله المتوحشون من بني الإنسان، من انسلخوا عن الفطرة الإنسانية، ما بالك بالدين، ما بالك بالقيم، ما بالك بتعاليم السماء وبوحي الله وتعاليم الرسل والأنبياء.
استقرئوا أيها الأخوة بعضاً مما حدث في التأريخ على أيديهم، كيف استهتروا بالإسلام جملةً وتفصيلا، كيف استهانوا في هذا الإسلام بكل شيء، بالإنسان، أول الاستهانة هي بالإنسان، ثم الاستهانة بالمقدسات، الاستهانة بكل ما هو مقدس في هذا الإسلام، كانوا يستهترون حتى بالرسول ورسالته، كان قائلهم من كرسي السلطة وهو يتربع على موقع المسؤولية كان يستهتر برسول الله ورسالته بشكل عام ، فيأتي ليقول:
لعبت هاشم بالملك فلا خبرٌ جاء ولا وحي نزل
يأتي الآخر منهم في الوقت الذي يقدم نفسه خليفة للمسلمين ويقدم نفسه قائداً للأمة الإسلامية ليقول مما يعتبره كرسي الخلافة وكرسي المسؤولية وكرسي السلطة :
تلعَّب بالبرية هاشميٌ بلا وحي أتاه ولا كتاب
هكذا إنكار بالكامل للرسالة الإسلامية.
يأتي الخطيب من ولاتهم في مكة لينادي في أوساط الحجاج فيقول لهم: أيها الناس إن خليفتكم أفضل من رسولكم، إن خليفة الله أفضل من رسول الله.
ليقول لهم بكل وقاحة إن زعيمه الفاجر الفاسق الظالم الباغي الجاهل المتوحش المنسلخ من كل القيم والأخلاق أفضل من رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله.
تذهب جيوشهم إلى مكة المكرمة فتستبيحها وتستبيح قداستها، يستهدفون الكعبة، الكعبة المشرفة بنفسها يرمونها بالمنجنيق يحرقونها مرة ويهدمونها تارة أخرى، وهم يستهدفونها بالمنجنيق، بلا مبالاة، اليوم يا أيها المسلمون، اليوم أليس من أكثر وأكبر ما يمكن أن نتخوفه على مقدساتنا أن تستهدف الكعبة، أليس أقسى ما يمكن أن نتوقعها في مقدساتنا سواء من الإسرائيليين أو من الأمريكيين أن يستهدفوا الكعبة باعتبارها من المقدسات وفي أولى المقدسات الإسلامية، أولئك فعلوا ذلك، لم يرعوا حرمة هذا المقدس أبداً،
يستهدفون المدينة المنورة مدينة رسول الله صلوات، يستهدفون حرمه الشريف ويستهدفون أبناء المدينة من المهاجرين والأنصار، لا احترام، لا للمدينة ولا لمسجد رسول الله ولا لسكانها من المهاجرين والأنصار وذراريهم، استهدفوا الجميع، قتلوا الكثير من أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، حتى أنه بعد وقعة الحرة يقول المؤرخون لم يبق بدري بعدها، يعني أن كل الذين كانوا باقين في ذلك الزمن وامتدت بهم الحياة إلى تلك الواقعة ممن شهدوا بدراً غزوة بدر مع رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله، الواقعة الشهيرة التي كانت أهم واقعة وأول واقعة، مثلت ضربة كبيرة لأعداء الإسلام، أولئك كان يحمل بنو أمية نزعة الثأر للانتقام مما حدث فيها، الانتقام للمشركين والكافرين المعتدين الذين حاربوا رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، لقد كان الأمويون يحملون نزعة الثأر والانتقام من رسول الله ومن أهل بيته، ومن أنصاره، من أصحابه من المهاجرين والأنصار، كانوا يحملون هذه النزعة نزعة الحقد ونزعة الثأر، وكانوا متوثبين على الدوام ليومِ من الأيام ينتقمون فيه من رسول الله في أهل بيته وفي أنصاره وفي المهاجرين معه الذين نصروه وجاهدوا معه.
هكذا كانوا بهذه النفسية بهذا الحقد بهذا العداء، واستباحوا المدينة قتلوا صحابة وقتلوا أولاد الصحابة وقتلوا ذرية الصحابة، وفي نفس الوقت انتهكوا العرض، استباحوا الأعراض اغتصبوا النساء ونهبوا الممتلكات، ذهب الكثير من أبناء المدينة البعض منهم هربوا إلى قبر رسول الله يلوذون به وكانوا يتوقعون أنه سيبقى لدى الجيش الأموي ولو القليل من الاحترام لرسول الله ولحرمة رسول الله ولحرمة مسجده وقبره، فما الذي فعل جنود بني أمية، لحقوا بؤلئك وقتلوهم على قبر رسول الله، قتلوا عدداً كبيراً على القبر حتى أغرقوه بالدماء، وكانوا وحشيين لدرجة عجيبة جداً يروي التاريخ فظائع رهيبة حدثت منهم وعلى أيديهم عندما دخلوا المدينة.
لقد حكى التاريخ أن البعض منهم كان الطفل الرضيع وهو في صدر أمة تحضنه في صدرها فيأخذه برجيله من صدرها ثم يضرب به عرض الحائط فينثر دماغه إلى الأرض، انظروا أي وحشية هذه، هذا هو النموذج الذي صنعه بنو أمية محسوباً على الإسلام يحمل كل هذا التوحش يتجرد من الأخلاق إلى هذه الدرجة يمسك طفلاً رضيعاً من على صدر أمة ويضرب به على عرض الحائط فيكسر رأسه وينثر دماغه في الأرض ويضرب به إلى الأرض بلا مبالاة بكل استهتار، يتجرد الإنسان من إنسانيته بالكامل ما بالك بالإسلام الذي ينمي ما هو مفطور بالإسلام من فطرة الله تعالى.
هذه الصنيعة التي صنعها بنو أمية في الأمة امتدت عبر الأجيال وعلى الدوام وفي كل مراحل الأمة كان هذا النوع موجوداً ومحسوباً على الإسلام، بل يدعي أنه هو وحده الإسلام، أنه الذي يمثل الإسلام، ثم ينبز بقية أبناء الأمية بالكثير من الأنباز والألقاب السيئة التي يستبيح بها دماءهم وأعراضهم وحياتهم.
التسلط الأموي بلغ إلى حد عجيب جداً، في زمن الإمام زيد عليه السلام، وقد عرفنا في مقدمة ما فعله بنو أمية مع كل هذا ما فعلوه بعترة رسول الله بأهل بيته، الذين نادى في أوساط الأمة يقول لها عنهم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بها لن تضلوا من بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ثم يقول: أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)) ثلاثاً.
هذا يرويه الجميع، هذا وارد في تراث الأمة ، ليس محسوباً على فرقة بعينها، وارد في تراث الأمة، معترف به في تراث الأمة، الرسول نادى في أوساط الأمة (أذكركم الله في أهل بيتي)، بل إن البخاري يروي في مجموعه وهو من أئمة الحديث، للتيار الآخر أن أبى بكر قال: (ارقبوا محمداً في أهل بيته، ارقبوا محمداً في أهل بيته).
على كلٍ ما فعلوه بعترة رسول الله بالإمام الحسين عليه السلام سيد شباب أهل الجنة سبط رسول الله، امتداده في حمل النور والهدى والحق، في أوساط الأمة، حمل الإسلام بمشروعه كاملاً في أوساط الأمة (حسين مني وأنا من حسين) وما فعلوه بأسرته الكريمة، بأهل بيته، بأنصاره الخُلَّص الذين كانوا إلى جانبه قلة قليلة وفية وعزيزة ومؤمنة وصابرة.
ثم الفظائع الكثيرة التي سجلها التاريخ وأصبحت محتوى للكثير والكثير من مجلدات الكتب لا يمكن أن تتحدث بها في كلمة أو في محاضرة أو مناسبة، مجلدات من الكتب كلها صفحات سوداء سطرها أولئك، إجراماً ، بغياً ، تضليلاً، فساداً بكل أشكاله، إلى زمن الإمام زيد عليه السلام، بعد صولات وجولات في الأمة، كانت السلطة الأموية قد استحكمت قبضتها من جديد بعد أن تعرضت لاهتزازات كبيرة بعد ثورة الإمام الحسين عليه السلام واستشهاده، لكن من جديد كانت قد استحكمت قبضتهم على الأمة ووصلوا إلى الذروة في تمكنهم وتغلبهم.
وفي زمن هشام الوالي الأموي يأتي ليقول: والله لا يقول لي أحد اتقِ الله إلا ضربت عنقه.
شوفوا النموذج الأموي، انظروا من هو النموذج الأموي، له هذه الرؤية لديه هذا التفكير، ما الذي ينبئ به هذا التفكير، هذه النفسية.
الله يأمر عباده بكلهم بتقواه حتى أنبياءه في القرآن يقول { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ } يوجه خطابه إلى المؤمنين { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ }.
وأكثر ما ورد الأمر في القرآن الكريم بالتقوى والتوجيه بالتقوى للمؤمنين أصلاً، للمسلمين أصلاً، هذا لديه التوجه الطغياني { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَاد} يأتي ليقول (لا يقول لي أحد اتق الله إلا ضربت عنقه) يعني من يأمرني بتقوى الله سأقطع رأسه، أقتله، هكذا كانوا.
وماذا يكون في بقية تصرفاته، إنسان من هذا النوع كيف سيكون منهجه في الحكم، تفكيره نظرته للأمة من حوله إلا ما قال عنه الرسول (اتخذوا دين الله دغلا، وعباده خولا) لا يرى فيهم إلا العبيد.
هشام طغى وتجبر وزاد طغيانه، الإمام زيد عليه السلام تجاه هذا الواقع بكله تحرك حفيد الحسين عليه السلام امتداداً لثورة جده، لمنهجه، لمبدئه، للدافع الإيماني ذاته، تحرك عليه السلام وكانت حركته إنما تعبر عن مبادئ الإسلام، لم تكن نظرة شخصية أو موقفاً شخصياً لاعتبارات شخصية نهائياً، إنما كانت ترجمة عملية لتوجيهات الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، ولذلك كان يقول: (والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت وقد خُولف كتاب الله).
ما يدعني كتاب الله أن أسكت، توجيهات الله في القرآن إنها توجيهات كلها تقوم على أساس استنهاض الأمة وتحريك الأمة في موقع العمل وفي ميدان المسؤولية.
الإمام زيد عليه السلام باتت حركته وثورته منهجاً ومشروعاً كبيراً امتدت في أوساط الأمة، ليس مقامه فقط في مقام محاضرة، أو في حديث في كلمة، ولكن يمكن أن نأخذ جانباً واحداً من جانب حركته عليه السلام.
الإمام زيد عليه السلام مما حرص عليه وسعى له، إحياء مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبدأ إسلاميٌ مهم وفريضة إسلامية عظيمة ومهمة، من أعظم فرائض الله سبحانه وتعالى، كما قال عنها الإمام علي عليه السلام (بها تقام الفرائض).
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية أساسية من صميم مسؤوليات الأمة، ومسؤولية إيمانية ودينية فرضها الله على عباده.
الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}.
الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ }.
الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم في آية مهمة يتضح لنا مقدار أهمية هذه الفريضة كمسؤولية مهمة في دين الله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم}
وأتت هذه الآية في موقع مهم في سورة التوبة في سياق المقارنة والفرز داخل المجتمع الإسلامي بين خط الإيمان وخط النفاق فتحدث عن المؤمنين والمؤمنات باعتبارهم من مسوؤلياتهم الإيمانية، التي هي بحكم إيمانهم، التي هي ترجمة لإيمانهم، ترجمة عملية لإيمانهم، التي هي محك للمصداقية في الانتماء الإيماني { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} يتجهون في حمل المسؤولية مع بعضهم أمة واحدة متعاونة متكاتفة يأمرون وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة، إن تقديم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه الآية قبل الحديث عن الصلاة، وفي أولويات ما وصفوا به، له أهمية كبيرة ومدلول مهم جداً.
يأتي ليقول قبل أن يتحدث عن صلاتهم عن إقامة الصلاة {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} بعدها { وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} بعدها وصفاً عاماً { وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ} هذا يدلل ويبين ويوضع ويكشف عن مدى الأهمية القصوى لهذه الفريضة، لأنه هنا أتى بها قبل الصلاة، وقبل الزكاة، لأنه بدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يبقى للصلاة تأثير في واقع الأمة، لا يبقى للزكاة تأثير إيجابي في واقع الأمة، كل الفرائض الإسلامية من الصلاة إلى غيرها لا يبقى لها إلا التأثير المحدود والبسيط والمتواضع، هي مع المسؤولية هذه لها تأثير فعال، وعظيم ومهم جداً، لكن تفريغ الإسلام وتفريغ الانتماء والهوية الإيمانية بمسؤولية كهذه يضرب بقية الفرائض.
نجد أنه في الإطار الآخر حينما يتحدث عن المنافقين كيف يصفهم، قبل هذه الآية بآيات
تحدث عن المنافقين فقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ } شكلية واحدة، طريقة واحدة، اتجاه واحد، سلوك متشابه، {يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ } هكذا يؤصفهم { نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ ، إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُون، وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيم } هذه الآية أيضاً تضمنت فرزاً مهماً توصيفاً دقيقاً لحركة النفاق في الأمة، المنافقون والمنافقات ليس وجودهم في داخل الأمة وقوفاً جامداً وراكداً، وليسوا حالةً تعيش في واقعها الداخلي نفاقها فلا تتحرك به في أوساط الأمة، لا، المنافقون والمنافقات هم حركة في واقع الأمة، في أوساط الأمة، ليسوا منكفئين بنفاقهم على واقعهم الداخلي، لا، ليسوا حركة انزوائية وتاركة للأمة بسبيل حالها، حركة في أوساط الأمة، وأي حركة، أمراً بالمنكر، والمنكر عنوان واسع، المنكر فكرة، المنكر، سلوكاً المنكر عملاً المنكر موقفاً، المواقف التي يدعون الأمة إليها ويدفعون بالأمة إليها هي مواقف منكرة، هي غلط، هي في الاتجاه الخاطئ، الأعمال والتصرفات التي يحركون الأمة فيها ويجرون الأمة إليها هي شاذة عن النهج الإسلامي، عن القيم والأخلاق، وهكذا الأفكار التي يحاولون أن ينشروها في أوساط الأمة هي أفكار ظلامية عفنة، ترجمتها العملية في واقع الحياة شر على الناس وسوء في واقع الحياة.
فهم لا يجمدون يأمرون بالمنكر، لا يكتفون بأن يكونوا هم في تفكيرهم المنكر، ونظرتهم المنكرة، وواقعهم المنكر، وسلوكهم المنكر، إنما يأمرون بهذا المنكر في أوساط الناس، فيتحركون حركة استقطابية في واقع الأمة بغية أن يعمموا هذا المنكر في أوساط الأمة.
فتراهم في كل مراحل التاريخ كلما برز موقف منكر كانوا هم دعاته ورجاله وحملته، والمستقطبون له، والظلال، والظلام، كل أشكال المنكرلهم نشاط فيها، وينهون عن المعروف، يتحركون في الساحة حركة مضادة للمعروف، الموقف المعروف، الموقف الصحيح، الموقف الذي ينسجم مع الإسلام في تعاليمه في مبادئه في قيمه في أخلاقه، ينهون عنه، يصدون عنه،
يحاربونه يبعدون الأمة عنه، السلوك المعروف، العمل المعروف، الفكر السليم، التثقيف الصحيح، المبادئ الصحيحة، كل ما هو معروف من مستوى الفكر إلى واقع العمل، هم يتحركون ضداً له، إما بموقفٍ صارم وكامل، فيستهدفونه بشكل نهائي وإما حركة احتوائية وتزييفية.
هكذا هم، يعني هم حركة تخريبية في داخل الأمة، لأنهم ينتمون إلى الإسلام، ويحاولون أن يكونوا هم المعبرون عن الإسلام وغيرهم الغلط وهم الصح، ثم إنهم يتحركون على هذا النحو التخريبي والهدام في واقع الأمة، فلذلك أثرهم سيء جداً في واقع الأمة، لأنه يطال حياة الناس وواقع الناس، يمس بكرامتهم يمس بحياتهم يمس بأمنهم، يمس باس باستقرارهم، يمس باستقلالهم، يمس بطبيعة الوجود العادي في الحياة، شر على الأمة، في مقابل حركتة هم هذه في الحياة تحدثت الآية عن مستوى عذابهم وسخط الله عليهم بشكل عجيب جداً، جاء الوعيد الإلهي { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ } مع أنهم منتمين إلى الإسلام، مع أنهم يصلون، مع أن البعض منهم لهم مساجد الضرار، والبعض منهم قد لا يصلي، هم فئات متنوعة، لكن منهم من يلبس لباس الدين، من لديه مساجد الضرار، منهم أيضاً من يتحرك تحت عناوين إيمانية {مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّـهِ وَبِالْيَوْمِ} يعني كحركة وليس فقط كانتماء، كحركة يتحرك تحت هذا العنوان الإيماني، ولذلك قال (من يقول) لم يقل من قال، من يقول، يكرر ذلك يعني يتحرك تحته كعنوان، حركة تخريبية في واقع الأمة، من نتظر من أن يتصدى لهذه الحركة التخريبية في واقع الأمة، نجد بعد أن نقرأ وعيد الله لهم برغم من انتمائهم للإسلام { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ} لاحظوا في هذه الآية، بدأ بهم قبل الكفار، في الوعيد الإلهي وذكرهم أولاً، والكفار بعدهم ثانياً { نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا، هِيَ حَسْبُهُمْ} هي كفايتهم، جهنميون ليس لهم إلا جهنم ، بلغوا مبلغاً فضيعاً من السوء والتخريب والدور السلبي في واقع الناس، {وَلَعَنَهُمُ اللهُ} نعوذ بالله من سخط الله هذا يعبر عن سخط كبير من جداً عليهم من الله { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيم } إذاً الدور الذي يواجه هذا الدور التخريبي في الأمة من الداخل هو الدور الإيماني (وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) الموقف المعروف في كل زمن، رجاله، دعاته، أنصاره، حملته هم المؤمنون، (وينهون عن المنكر) من يقفوا ضد المنكر، ضد المنكر موقفاً، ضد المنكر سلوكاً، ضد المنكر والباطل، حكماً وتسلطاً، ضد المنكر بكل أشكاله، المنكر الذي هو هدام في واقع الحياة، سلبيٌ في واقع الحياة، سوءٌ في واقع الحياة، الذي يتصدى له من موقع المسئولية وبالقيم والأخلاق والمبادئ والفهم والوعي والبصيرة هم من المؤمنون والمؤمنات (وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَه).
هكذا، الحركة الإيمانة هذه، الإمام زيد عليه السلام عمل على إحياءها في واقع الأمة واتجه الإتجاه الصحيح، لأن البعض قد يقول : صحيح جيد، نأمر بمعروف ونهي عن منكر، ولكن على البسطاء والمساكين، البعض سيتحرك لإقامة المعروف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن إذا كانت المسألة في حدود التعاطي مع الناس العاديين البسطاء، لا، في حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اتجه رأساً وبادء ذي بدء وبشكل أساسي ومركز عليه تجاه القضايا الكبيرة، المسائل المهمة، المسائل الكبرى التي تنطوي على كل التفاصيل ويتفرع عنها كل التفاصيل، الإمام زيد عليه السلام كان يعي ذلك جيداً كان يعي ما معنى قول النبي صلوات
(أفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر)
تحرك الإمام زيد عليه السالم حركة شاملة حركة عامة، مواجهاً لأصل المنكر لمنبع المنكر ، السلطة القائمة التي هي منكر بذاتها، منكر بسياساتها، منكر بتوجهاتها، منكر بما تفرضه في واقع الأمة، منبع لملنكر ومصدر للمنكر، ينتشر من خلالها المنكر في واقع الأمة وبقوة وبسلطة، فاتجه هذا الاتجاه نحو القضية المركزية القضية المهمة القضية الرئيسية، وواجه أصل المنكر، فتحرك عليه السلام وهو يعي أهمية هذه المسئولية.
نأتي إلى خطورة التفريط في هذه المسئولية، الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) على لسان نبيين من أنبياء الله سبحانه وتعالى، نبي الله داود ونبي الله عيسى عليهما السلام ، على لسان داود وعيسى ابن مريم، حالة سخط كبير، حالة استياء كبير، حالة مقت شديد، لدرجة أن كلاً منهما لعن بني إسرائيل ، على ماذا، هذا السخط الذي وصل إلى هذه الدرجة، هذا أشد ما يمكن أن يدعو به نبيٌ على قومه أن يلعنهم، أشد ما يمكن أن يدعو به { ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون} .
الحالة التي سادت في أوساط بني إسرائيل هي كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، عطلت هذه الفريضة بشكل كامل، حينما يعطل هذا المبدئ وتهجر هذه الفريضة في واقع الأمة، يكون هناك سلبيات كبيرة ينمو المنكر، يفرض حضوره في الساحة فيسيطر على الساحة تماماً، إذا غُيب من الساحة صوت الحق، إذا عطلت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والموقف من الظالمين والفاسدين والطغاة والمجرمين خلت لهم الساحة، حينها تستحكم قبضتهم، تقوى سلطتهم، تكبر هيمنتهم، فيملؤون الساحة بدون تردد بدون رادع بدون حاجز بدون مانع بالمنكرات والمفاسد والمظالم والطغيان، حينها يتجرؤون على فعل أي شيء مهما كان فظيعاً، مهما كان إجرامياً مهما كان وحشياً مهما كان طغياناً، لا يتحرجون من شيء.
حينها يصل واقع الناس إلى واقع خطير للغاية، وتكون الحالة القائمة في أوساطهم حالة لا يرضى الله لهم ولكنهم كانوا سبباً في أن تصل إلى ما وصلت إليه، فيخسرون القداسة، قداسة هويتهم وانتمائهم ويغيب الحق من واقعهم، الحق في مضمونه، الحق في أثره في الواقع، الحق في تأثيره الإيجابي ونفعه في الحياة، ولهذا ورد عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله أنه قال: ( (لا قدست أمة لا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر ولا تأخذ على يد الظالم ولا تعين المحسن ولا ترد المسيء عن إساءته) أمة كهذه أمة فقدت قداساته، يعني أمة سيئة، لن يبقى للحق ولا للخير ولا للقيم النبيلة ولا للفطرة الإنسانية حضور في واقع حياتها.
تصبح الحالة حالة سيئة جداً، وأسوأ واقع وأسوأ حال يصل إلىه الناس هو الحال الذي تغيب منه القيم والمبادئ والأخلاق.
في نص آخر عن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله يبين خطورة التنصل عن هذه الفريضة وعن غيابها من الساحة يقول: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم) إذا تنصلت الأمة عن مسؤوليتها في الأمر بالمعروف وفي النهي عن المنكر تصبح الساحة كما قلنا خالية عن الأشرار ولكن حتى بالتسليط، وحالة التسليط هي حالة خطيرة جداً، لأنها حالة زائدة علىة واقع الأمة في وهنها وضعفها واستسلامها وخنوعها، هي حالة يتحرك أولئك الأشرار فيها بنزعة الشر، بطبيعة الشر، بنفسية الشر، بتوجه الشر، بممارسات الشر، ولكن أيضاً مسلطين لديهم جرأة أكبر، لأنها نزعت عن الأمة كل أشكال الرعاية التي تقطع عن الأمة ولو بعضاً من شرهم، لأن الله أصبح ساخطاً على الأمة حينما تتنصل عن مسؤوليتها فالله سبحانه لا يوليها أي رعاية حينئذ ولا يقطع عنها ولو قليلاً من شر أولئك، ولذلك نجد أهمية هذه الفريضة.
اليوم واقع الأمة على ما هو عليه ، الامتداد النفاقي في حركة الأمة قائم، وله حضور كبير بشكل دول، بشكل أنضمة متصلطة يمتلك جيوشاً، يمتلك ثروات هائلة، يسيطر على مواقع الصلطة وعلى مواقع الثروة في مناطق كثيرة من الأمة ، وهناك امتداد إيماني دائم أيظاً في واقع الأمة، هذه الأمة لا ينفد منها الخير بشكل كامل يبقى للخير حضوره ويبقى للحق وجوده ويبقى للحق والعدل والخير والهدى أنصاره وحملته وصوته، وتختلف الأحوال من ظرف إلى ظرف ومن مرحلة إلى مرحلة في مستوى قوة وتأثير هذا الحضور أو معاناة هذا الحضور، في مستوى تفاعل الأملة، وعلى كلٍ يتجلى في عصرنا هذا أيضاً بشكل كبير سوء الأثر التخريبي لحركة النفاق في الأمة، أولئك الذين يأمرون بالمنكر ويمارسون المنكر ، وطبعوا واقعنا الإسلامي في معظم ميادينه وساحته بالمنكر وبأشكال مختلفة، شكلٌ منه ألبس لباس الدين هو الشكل التكفيري، ولكن بكل بشاعة، وبممارسات فضيعة جداً جداً ومشوهة للإسلام إلى أسوأ حال ، إلى أسوأ مستوى، إلى ما لا يمكن تصور أفضع منه، وأسوأ منه، وأقبح منه، وشكلٌ آخر تفريغ تام بغير اسم الدين تفريغ تام، إما تحت عناوين سياسية، أو عناوين مناطقية، أو بدون عنوان أحياناً.
تحت طائلة تأثير الجانب المادي، الفلوس، وهكذا تحركوا في أوساط الأمة وهم يتحركون اليوم وتجلى للأمة سوء ما يعملون وفضاعة ما يتصرفون به ويتحركون به في واقعهم، ما نعاني منه اليوم في أمتنا الإسلامية في شتى مناطقها من النشاط التكفيري الذي يرعاه النظام السعودي وتحت المظلة الأمريكية والتوجيه الأمريكي وهندسة السياسية الأمريكية ، وبما يخدم إسرائيل ويفيد إسرائيل ويحمي إسرائيل، نرى اليوم سوء الدور في واقع الأمة، وما ألحقه بالأمة من خسائر كثيرة، القتل في كثير من الأقطار وأصبح حالة يومية وباستهتار كبير بالأرواح، وبالحياة، التدمير، إثارة الفوضى، الواقع السييء والمتردي في واقع الأمة الذي يعيق الأمة ويعطلها عن بناء واقعها وتصحيح وضعيتها وإصلاح حالها، يعني واقع هو من جانب تدميري وشر ومؤثر وضار بالأمة فيما يمسها بشكل مباشر قتل وإهدار للأموال والممتلكات وتضييع للحقوق وفي نفس الوقت ضياع للأمة في مشروعها الذي يفترض أن تكون منطلقة فيه ، وسوء ما بعده سوء، لكن في الجانب الآخر هناك في واقع هذه الأمة نرى للحق صوته، نرى الكثير والكثير، في كثير من أقطار العالم الإسلامي يتحركون وينطلقون ونسمع منهم صوت الحق ونرى في مواقفهم قوة الحق، قوة الحق وصلابة الحق في مواجهة ذلك الطغيان وذلك المنكر وذلك الفساد وذلك الظلم.
إنما يقوم به اليوم النظام السعودي بشكل مباشر وعبر أدواته في العالم الإسلامي في مناطق متعددة من العالم الإسلامي ما هو إلا امتداد في مضمونه وممارساته وشكله وأصله وفصله وفرعه للحركة النفاقية في عصر الإسلام كله، في تاريخ الأمة الإسلامية بكلها، ولكنه اليوم بإمكانات أكثر وبقدرات أكثر وبثروة أكثر يمتلك اليوم القنوات الفضائية، يمتلك اليوم الأسلحة الحديثة، ولكن شكله المنكر واضح جداً، على مستوى العالم الإسلامي بكله، ولا يزال المخطر محدقاً بالكثير من البقاع الإسلامي التي لا زال بعضٌ من الهدوء أو قدر من السكينة والإطمئنان، لا زالت دول المغرب العربي ولا زالت مصر ولا زالت العديد من البلدان التي تشهد بعض من الاستقرار لا زالت معرضةً للخطر بالقدر الذي تعرضت له اليمن وتعرضت له سوريا وتعرض له العراق وتعرضت له بلدان أخرى، ولكن في المقدمة هذه البلدان، لأن النشاط الذي يمارسه النظام السعودي وهو نشاط نفاقي بكل ما تعنيه الكلمة، يبدأ أولاً بشكل النشاط الدعوي والخيري، كتب ، ومدارس، وتمر، وفلوس، وما شاكل ذلك وبأسلوب لطيف وودي حتى يتمكن من اختراق البلدان بعد أن يتمكن من اختراق أي بلد ينحو منحاً آخر، يحول نشاطه الذي ألبسه لباساً دعوياً إلى نشاط يعبئ الجماهير التي استقطبها بذلك الفكر الظلامي وبالعقد والأحقاد والعداوة التي لا نظير لها في العالم أبداً، ويفرغ ذلك الإنسان من مضمونه ومحتواه الإنساني الذي فطره الله عليه فيحوله إلى إنسان متوحش، كان في البداية إنساناً وديعاً يطلق لحيته يدهن وجهه، يتكلم بالكلام اللطيف يحمل المسواك في كثير من الحالات، ثم لا تنتبه إلا وقد وضع المسواك وأخذ بدلاً منه الرشاش، ولبس بدلاً من الثوب الأبيض الحزام الناسف واتجه وهو كله حقد وكله كراهية لمن؟ هل لأعداء الأمة للأمريكي للإسرائيلي لمن يشكلون خطراً حقيقياً على شعوب المنطقة بكلها، لا، هل لدفع الخطر الإسرائيلي وإنقاذ الشعب الفلسطيني لا، يتجه سوقاً أو مدرسةً أو مسجداً، وهو يحمل كل ذلك الحقد فيفرغه مع الكثير مما حمله في حزامه الناسف يضرب بها المصلين أو يضرب بها المتسوقين أو يضرب بها طلاب المدرسة أي شكل هذا، أو يذهب ليفتح جبهة داخلية في قطر من الأقطار الإسلامية والأقطار العربية ليثر الفتن الداخلية بين أهل منطقة كانوا فيما قبل أهل منطقة كانوا فيما قبل أهل منطقة واحدة متآخين مسالمين لبعضهم البعض انطرأت إشكالات تكون في مستواها مشاكل محدودة ، يفصل فيها، أو يبقى لها مستواها وحجمها العادي، لكن تتحول المسألة بفعل هذا النشاط التخريبي إلى مسألة معقدة ويأتي التكفيري يعتبر الآخرين كفاراً، ويعتبر أنه لابد من قتلهم وإبادتهم بأي شكل كان، بأي أسلوب كان، إما بالحزام الناسف، إما بالقنبلة أو بالطائرة، كما يفعل النضام السعودي نفسه، أو بأي سلاح كان، إما بالسكين الذي يذبح الرقبة ، وإما بالقنبلة والتفجير الذي يمزق الناس إلى أشلاء، هكذا ظهروا متوحشين وسيئين ويشكلون خطراً على الأمن، يشكلون على خطراً على السلم الأهلي في كل بلد، ويطبعون أنفسهم بالطابع الديني، يرسخون الولاء السياسي في أي بلد للنظام السعودي نفسه، فيكون المصري الذي هو في مصر ولاؤه للنظام السعودي وعقيدته تكفيرية، وتوجهه ضد أهل بلده وأهل منطقته توجهاً عدائياً إلى حد عجيب، مثيله في الجزائر، مثيله في تونس، مثيله في أي بلد إسلامي آخر، حينما تعطي أمريكا ضوءاً أخضر للنظام السعودي أن أثيروا الفتن في البلد الفلاني، بسرعة إصدار الفتوى، بعد إصدار الفتوى التحرك في الميدان، فإذا ذلك البلد يلتهب بالفتن والأخطار والمشاكل، يتمزق نسيجه الاجتماعي، يحترب أهله فيقتتل ليل نهار، تدمر فيه المدن والقرى، يهلك فيه الحرث والنسل، هذه هي الحركة النفاقية نرى أسوأ أشكالها وأفضع آثارها ونتائجها في النظام السعودي وما يرعاه في الواقع.
ويأتي عدوانه على اليمن تحت المظلة الأمريكية والإشراف الأمريكي والرغبة الإسرائلية والتشجيع الإسرائيلي والمساهمة والمشاركة الإسرائيلية يأتي عدوانه على بلدنا في هذا السياق نفسه، تخريباً وعدواناً، وبطشاً ، وظلماً وطغياناً، وعدواناً بغير أي حق، وبدون أي مبرر، يرتكب أفضع الجرائم، يرتكب جريمة مثل جريمة الصالة الكبرى، ثم يحاول التنصل عنها، الإنكار لها، وهي جريمة واضحة مشهودة بشكل واضح لا لبس فيه أبداً.
يتعاطى بكل وقاحة بكل استهتار بكل سذاجة بكل تفاهة بكل حقارة بكل خسة بكل دناءة بما هو أهله من الدناءة فيقول لا، هؤلاء قد يكونوا هم الإنقلابيون قد يكونوا هم أصحاب المرتبات، كل فترة وله كلام، وينطلق مرتزقته عملاؤه منافقوا البلد بكل خسة ودناءة ليشهدوا له شهادة الزور وما أسوأ وأفضع شهادة الزور ليشهدوا زوراً وليقولوا بهتاناً وباطلاً وافتراءاً وكذباً متعمداً بأن من فعل ذلك ليس هو النظام السعودي، وليس بفعل قصف الطائرات، وأنهم الإنقلابيون وأنهم وأنهم .. إلخى آخر كلامه التافه، ثم لا يلبث أن يعترف بعد كل ذلك البهتان والزور والكذب والجدل والتزييف للحقائق والجحد للحقائق الواضحة المشهودة البينة، يأتي ليعترف، ويحاول أن يلقي باللائمة على أولئك العملاء الحقيرين الذين حقروا أنفسهم بما سخروا أنفسهم فيه لخدمته، فيأتي ليلقي عليهم باللائمة فيصمتون بعد أن شهدوا شهادة الزور التي افتضحوا فيها، فكانت الجريمة فضيحة وكان إنكارها فضيحة، وكانت محاولة الإلقاء بالتهمة وما رافق ذلك من شهادات الزور والقول البهتان والإفتراءات الفضيعة فضيحة كذلك، ثم في النهاية كان الاعتراف فضيحة واضحة بينة ملموسة وليست غريبة، نحن قلنا هذه الجريمة ليست خروجاً عن سلوك كان سلوكاً متميزاً منذ بداية العدوان فكان هذا حدثاً مفاجئاً منذ أول عملية قصف قتلوا فيها الأطفال والنساء والمدنيين المسالمين والناس العاديين الذين ليس لهم لا موقف سياسي ولا يحسبون على طرف معين.
ثم استمرت جرائمهم بحق أبناء هذا الشعب مستهترين بحياة الناس مستبيحين للجميع، يقتلون الجميع في كل مكان ، قتلونا كشعب يمني في الأسواق، في المساجد، واستهدفوا حتى المقابر، مقبرة، البعض من المقابر قديمة لها زمن طويل، يلقون عليها بالقنابل، استهدفوا كل شيء، يستبيحون حياة الناس، منكر، يأمرون بالمنكر ويفعلون المنكر، ويتصرفون المنكر، ويفعلون كل ذلك، جرائهم واضحة وبينة ومشهودة، وعدوانهم مستمر، ولا معطيات تؤشر على قرب انتهاء هذا العدوان ولكن ما يمكن أن يفيد شعبنا كما قلناه مراراً وتكراراً هو التحمل للمسؤولية، هو التحرك الجاد ، هو العمل ، هو الموقف، هو رفد الجبهات ودعمها بالرجال الأبطال، هو الصمود والثبات والتوكل على الله.
عملوا على استهداف البنك، عملوا على استهداف مضايقات الناس في مرتباتهم ولقمة عيشهم، هذا هو حالهم، هذا هو الذي يعبر عن حقيقتهم ، هم هكذا بهذا السوء بهذا المقدار وبهذا المستوى من العدوانية، يحاولون أن يمنعوا حتى وصول المرتبات عن الناس، حتى من يعتمدون عليها في معيشتهم، من الذي يحارب البنك المركزي في صنعاء إلا أنتم أيها الظالمون، أيها الأمريكي، وأيها السعودي، أيها المرتزقة الأنذار أنتم من ترتكبون بحق هذا الشعب كل هذه الجرائم، أنتم الذين تسعون لتجويع هذا الشعب، أنتم من تحا ربون اليوم البنك المركزي في صنعاء وتعيقونه بكل جهد عن توفير المبالغ التي يحتاج إليها لصرف المرتبات، فأنتم من تسعون لتجويع الآلاف من الأسر، أنتم من تفعلون كل شيء الحصار الخانق على هذا البلد، التدمير لكل البنة الاقتصادية، النهب والسرقة للثروة الوطنية في مارب وفي شبوة وفي غيرها.
أنتم القتلة، وأنتم اللصوص، أنتم المفسدون في الأرض، إجراماً وحصاراً وقتلاً
وإلحاقاً للضر بالناس، اليوم أنتم مكشوفون أمام هذا الشعب ونحن في هذا البلد معنيون في التحرك الجاد على كل المستويات، اقتصادياً لابد من العناية بالشأن الإيرادي، لابد من تحمل رجال المال والأعمال لمسؤوليتهم في دعم الاقتصاد بما يفيد هذا البلد ويفيدهم وإلا فعليهم مسؤ ولية كبيرة أمام الله، لابد من استكمال تشكيل الحكومة، لابد من العناية بكل ما يعزز ويدعم قوة الموقف الداخلي في مواجهة هذا العدوان السيء الذي الذي يستهدف كشعب يمني في كل شيء، لابد من الصمود في كل أشكاله، على المستوى الاقتصادي، على المستوى
العسكري، وعلى مستوى النشاط المجتمعي للحفاظ على لحمة هذا الشعب، يسعى أولئك المعتدون يوماً بعد يوم إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتفكيك الصف الداخلي والوحدة الداخلية، يسعون بكل جهده لبعثرة هذا المجتمع وتشتيته بغية التسهيل لمهمة القضاء عليه والتحكم به، يلعبون كل الأدوار السيئة في هذا الاتجاه.
فلذلك مسؤليتنا جميعاً في التحرك الجاد، هذه هي مسؤليتنا، مسؤلية إنسانية، مسؤلية إيمانية نتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، مسؤولية وطنية، مسؤلية يفرضها علينا الواقع، لا بديل عنها إلا الذل، إلا الهوان، إلا الخنوع، إلا الاستسلام، إلا الركوع، لا أحد يمكن أن نعول عليه إلا الله، وإلا أن نتحمل المسؤولية مع شكرنا لكل الذين يقفون إلى جانبنا من الأحرار في هذا العالم، ومن الشرفاء والصادقين والأخيار في عالمنا الإسلامي.
نحن في موقع المسؤولية علينا أن نتحملها ونثق بالله ، لا يمكن أن نعول على الأمم المتحدة التي كانت منذ بداية هذا العدوان إنما تؤدي دوراً يسهل على المعتدي عدوانه ، إنما يغطي على ما يفعله من جرائم، هي حتى بعد جريمة الصالة الكبرى لم تتبنى أي موقف مشرف أبداً، ولو يغطيها هي، يغطيها هي في دورها المزعوم الذي تتحرك به في الوسط العالمي.
نحن معنيون بالتحرك ، في نفس الوقت لا مبرر لؤلئك للإستمرار في عدوانهم، لأنه لا حق لهم في ذلك ولا مبرر لهم في ذلك وليسوا مضطرين في ذلك ، ولم يكن لا لحماية أمنٍ لهم ولا لأي اعتبار، إنما تجبراً وطغياناً وتكبراً وإفساداً وعلواً في الأرض، مكروا واستكبروا وطغوا وتجبروا وأرادوا بذلك مكاسب إقليمية ومكاسب دولية، فسبيلنا وخيارنا هو الصمود والاستعانة بالله والتوكل على الله والثقة بالله.
(وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) الله هو الذي يمكن أن يمنحنا النصر وأن يعطينا اليسر وأن يكتب لنا الفرج وأن يدفع عنا الشر بقدر ما نتحمل فيه المسؤولية، ولذلك على المتخاذلين مسؤولية كبيرة أن يحذوا حذو الشرفاء في هذا البلاد والأحرار الذين يتحركون في كل المجالات ويتحملون المسؤولية، لا حيادية بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بين العزلة والذلة، بين الصمود وبين الخنوع والتراجع، الوقف الصحيح، الموقف الإنساني، الموقف الإيماني، الموقف الحر والمسؤول هو الصمود وهوالثبات وهو التوكل على الله سبحانه وتعالى، وهذا ما نأمل من الله أن يوفقنا له وأن يعيننا عليه وأن يعين عليه كل شعوبنا المظلومة، شعب فلسطين الحر الذي تتحرك فيه المقاومة تبني نفسها، وتحمي شعبها، وتواجه عدوها، نأمل من الله لهذا الشعب النصر والعون والتمكين، شعب العراق الذي يتحرك اليوم ببسالة وأصبح شعباً متقدماً في صفوف الشعوب الحرة والعظيمة التي لها موقف تحمل رالوعي بالموقف اللازم في مواجهة هذا الشر وهذا الطغيان الذي يستهدف الجميع وضره على الجميع.
نبارك اليوم في هذا المقام للشعب العراقي عمليته البطولية في الموصل ونأمل من الله سبحانه وتعالى أن يوفق هذا الشعب العزيز لاستكمال تطهير العراق من كل ذلك الرجس والدنس التكفيري الذي جلبه النظام السعودي المستكبر ومن معه تحت الرعاية الأمريكية والمظلة الأمريكية.
نأمل من الله سبحانه وتعالى النصر للأخوة والأشقاء في سوريا.
النصر للمقاومة في لبنان
النصر لكل الأحرار والشرفاء في هذا العالم الذين يقفون ضد الظلم ضد الطغيان ضد الاستكبار في سبيل الحرية.
إن الله سميع الدعاء
اللهم نسألك بفضلك وكرمك أن ترحم شهداءنا الأبرار وأن تشفي جرحانا وأن تفك أسرانا وأن تنصر شعبنا المظلوم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعليقات مغلقة.