مجلة خليجية: دول الخليج تواصل عقد صفقات السلاح ودعم الانقلابات والثورات المضادة رغم الأزمة الاقتصادية !
صنعاء – تقرير
موجة مفزعة من الخسائر والأضرار الاقتصادية بدول الخليج، بسبب استمرار تراجع أسعار النفط، مما اضطرها لاتخاذ سياسات تقشفية تتضمن تحرير أسعار الوقود ورفع الدعم الحكومي عن المنتجات النفطية، وتقليص الدعم بشكل عام والميزانية، وتأجيل أو تجميد أو إلغاء بعض المشاريع التنموية المهمة.
فهل تعيد دول الخليج النظر في أولويات الإنفاق، بحيث تنحسر وتتراجع أولوية ضخ أموال الخزينة العامة في صفقات سلاح مفتوحة لا تنتهي، ودعمها لأنظمة قامت بانقلابات عسكرية وللثورات المضادة، وللحرب الدولية ضد “داعش” وغيرها، لصالح المواطنين والخدمات العامة واستقرار الأسعار.
تراجع المشروعات
أكدت وكالة “ستاندرد آند بورز” لخدمات التصنيف الائتماني، الاثنين، أن استمرار تراجع أسعار النفط قد يؤدي إلى تأجيل بعض مشاريع البنية التحتية أو إلغائها في دول مجلس التعاون الخليجي، والذي يضم السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان.
وأضافت الوكالة، في تقرير وزعته في دبي، أن مؤسسات وشركات البنية التحتية في دول مجلس التعاون تواجه بيئة تشغيل ضعيفة في الوقت الحالي، على خلفية انخفاض أسعار النفط منذ يونيو 2014.
وأوضح التقرير، أن دول مجلس التعاون الستة تقع تحت ضغط بسبب تخفيض الإنفاق في مواجهة تراجع الإيرادات النفطية، وهو ما يتسبب في تباطؤ تلك المشروعات نتيجة لذلك، وأضاف أن هذا المناخ الاقتصادي الضعيف أدى أيضاً إلى تراجع إصدارات الديون للشركات الخليجية بنسبة 58 % على مدار الاثني عشر شهراً الماضية، لتصل إلى نحو 7 مليارات دولار، ومن أكثر أدوات الدين المتراجعة كانت السندات والصكوك.
وفي إطار رصد تأثير انخفاض أسعار النفط على المشروعات بالسعودية والخليج قال بنك أبوظبي التجاري، في 23 إبريل 2015، في تقرير يظهر تفاوت تأثير تراجع أسعار النفط على دول الخليج: إن انخفاض الأسعار يبطئ وتيرة المشروعات الاقتصادية الجديدة في السعودية والإمارات.
وتوقع التقرير أن تواصل سوق المشروعات في دول مجلس التعاون الخليجي النمو في 2015، وإن بوتيرة أبطأ عن عامي 2013 و2014، اللذين شهدا نموًا قويًا على نحو خاص.
وقال البنك: إنه مع ذلك “سيعتمد الكثير على تعافي أسعار النفط”، مضيفًا أن “المستثمرين من شركات القطاع الخاص يتبنون بشكل عام منهج الترقب والانتظار في تعاملهم مع المشروعات أكثر من الحكومة”.
وأشار التقرير إلى أن معظم المشروعات التي ألغيت في السعودية كانت في قطاع النفط والغاز، لكن من المرجح أن يزيد تأثير انخفاض أسعار النفط في الفترة المتبقية من العام، مشيرًا إلى أنه جرى تجميد بعض المشروعات العقارية والصناعية الخاصة.
في مؤشر على أزمات اقتصادية بدول خليجية بسبب النفط بالبحرين بقطاع حيوي كانت قد ألغت وزارة الإسكان خلال العامين الماضيين (2013 – 2014) نحو 6 مشاريع إسكانية كان من المقرر إنشاؤها في عدد من المناطق، قبل أن يتم إلغاؤها من قائمة مشاريع الوزارة، وحذفها أيضاً من قائمة المشاريع المستقبلية المبيّنة في الموقع الرسمي للوزارة. بحسب الوسط البحرينية في 17 يناير 2015
كذلك أقر مجلس الأمة الكويتي “البرلمان”، للمرة الأولى موازنة الدولة لعام 2015/ 2016، مسجلًا عجزًا بـ7 مليارات دينار (23.2 مليار دولار)، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط خلال الفترة الماضية.
واتجهت سلطة عمان نحو إصدار صكوك سيادية وسندات حكومية بعد دراسة مستفيضة لعدة بدائل، مرجحة الاعتماد على أدوات تمويلية محلية وداخلية بالأساس، بعد إقرار موازنة تضمنت زيادة بالإنفاق، وتعثرًا في التمويل. حيث تتجه حكومة السلطنة نحو سد العجز المقدر بـ 2.5 مليار ريال عماني في موازنة السنة المالية 2015، من خلال التنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزي العماني وسوق مسقط للأوراق المالية، بإصدار صكوك سيادية وسندات حكومية.
رفع الدعم عن المنتجات النفطية
في سياق متصل، ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، في 22 يوليو 2015 “إن موجة الهبوط الحاد التي تشهدها أسعار النفط في الأسواق العالمية، باتت تشكل ضغطًا على ميزانيات الدول الخليجية المصدرة للنفط، فقد تدفع بعضها إلى رفع الدعم الحكومي عن المنتجات النفطية، على غرار القرار الإماراتي”.
وأوضحت الصحيفة البريطانية “أن تراجع أسعار النفط، لتصل إلى 55 دولارًا للبرميل الواحد بعدما كانت بلغت 100 دولار للبرميل العام الماضي، وضع دول خليجية عدة أمام مأزق؛ حيث تحتاج الإمارات إلى بيع البرميل الواحد عند سعر 75 دولارًا، من أجل تحقيق توازن في ميزانيتها، فيما قد تحتاج البحرين وعمان، على سبيل المثال، إلى البيع عند سعر أكثر من 100 دولار للبرميل”.
ونقلت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي ناصر السعيدي، قوله: “قرار الإمارات خطوة ممتازة، ستحدد المسار أمام دول خليجية أخرى”. وكانت وزارة الطاقة الإماراتية، أعلنت عن تحرير أسعار الوقود واعتماد آلية للتسعير وفقًا للأسعار العالمية، اعتبارًا من أول أغسطس الماضي.
إعادة هيكلة أبواب الإنفاق
وقف دعم الانقلابات
في ظل التراجع الحاد لأسعار النفط، هل من المتوقع أن تعلن دول الخليج توقفها عن تقديم أي دعم مالي للانقلاب في مصر، وتعيد ضخ أموالها إلى الداخل، حيث تشير تقديرات غير رسمية إلى أن دول خليجية قدمت كل أشكال الدعم لقائد الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي، منها الدعم السياسي وحشد التأييد الدولي والإقليمي، ودعمت الأذرع الإعلامية للانقلاب، وحملات تجميل صورته وتسويقه دوليًا، وقدمت الدعم المالي والنفطي والاقتصادي بأكثر من 51 مليار دولار، وبخاصة من قبل السعودية والإمارات.
وأفادت مصادر دبلوماسية إماراتية عن أن لقاء جمع بين دبلوماسيين إماراتيين ونظراء ليبيين من مؤيدي قائد الثورة المضادة في ليبيا «خليفة حفتر»، أقر فيه الجانبان بإرسال الإمارات أسلحة وذخيرة ثقيلة إلى ليبيا، كذلك كشف دبلوماسيون غربيون العام الماضي، أن مقاتلات إماراتية شاركت في قصف أهداف في طرابلس في إطار إسناد عسكري لمليشيات «حفتر».
في 13 إبريل 2014، كشف الباحث الأمريكي «نفيز أحمد»، عن أن الإمارات دعمت ميليشيات الحوثيين في اليمن بمبلغ مليار دولار.
تجميد المشاركة بحرب (داعش)
وفي إطار الحرب على “داعش” التنظيم المسلح بسوريا والعراق، تدفع دول خليجية تكلفة مضاعفة بمساهمتها في الحرب وبمضاعفة إنفاقها العسكري، حيث استطاعت الولايات المتحدة حشد تحالف دولي يضم 40 دولة، ضده، لتخوض حرباً باهظة ممولة من دول عربية وغربية، يدفع فاتورتها بالأساس دول خليجية، على رأسها السعودية والإمارات كحرب مفتوحة، بينما أعلن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أنها ستكون على مراحل وتستمر لنحو ثلاث سنوات، والتي تحتاج بحسب خبراء إلى30 مليار دولار.
تزايد ميزانية التسليح
تتصدر الهواجس الأمنية أولوية في ميزانية الإنفاق بدول الخليج، والتي تشهد تصاعدًا، ولكن تراجع الإيرادات النفطية يستوجب إعادة توجيه الأموال للخدمات والمشاريع، وبخاصة في ظل تجميد استخدامات هذه الأسلحة، والتي تصب بالأساس لصالح شركات السلاح ودولها، وبحسب معهد “ستوكهولم” الدولي لبحوث السلام (SIPRI) في تقرير له، قفزت صادرات الأسلحة إلى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بنسبة بلغت نحو 70 % خلال الفترة من 2005 – 2009 وحتى 2010 – 2014، ما يمثل 54 % من إجمالي واردات الأسلحة إلى الدول في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة من 2010 – 2014.
فيما خصصت السعودية أكثر من ٢٥ % من ميزانيتها السنوية عام ٢٠١٤ لشراء الأسلحة، أي ما يعادل أكثر من ٨٠ مليار دولار، وهي الميزانية العسكرية الأعلى بين جميع دول المنطقة، وتأتي بعدها الإمارات في المرتبة الثانية والتي خصصت ٢٣ مليار دولار لهذا الغرض.
تقليص صفقات السلاح
تمر دول الخليج بموجة متزايدة من صفقات السلاح مع الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، منها في عام 2014، صفقة أسلحة السعودية مع الولايات المتحدة تتضمن 202 صاروخ باتريوت Patriot وقطع غيار لمعدات عسكرية بقيمة 1.75 مليار، وصفقة أخرى لتطوير نظام أسطولها الجوي للإنذار والتحكم بملياري دولار.
كذلك قدّمت السعودية هبة قيمتها مليار دولار لدعم الجيش اللبناني، تسلّمها رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري في أغسطس الماضي، بينما تجري مباحثات لصرف هذه الهبة لشراء طائرات مروحية ودفاعات جوية روسية، ولشراء أسلحة من الولايات المتحدة.
في يناير 2014، أظهرت صفقة قيمتها 3 مليارات دولار، تعهدت بها السعودية في ديسمبر 2013، لتمويل تجهيز الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية، أن تحرك دول الخليج بشكل نشط عبر أموالها من اجل التأثير على القرار السياسي في المنطقة، من خلال حلفاء دوليين، مثل باريس.
وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مؤخرًا نقلًا عن مسؤولين بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن البنتاجون ينتهي حاليًا من الإعداد لإرسال أسلحة إلى السعودية بقيمة مليار دولار، لتمويل حرب المملكة ضد “داعش” الحوثيين.
إلى جانب الصفقات السعودية هناك سلسلة من صفقات الأسلحة لدول خليجية عديدة، منها الإمارات والكويت وقطر، تثري خزينة شركات السلاح، فيما تعاني خزينة الخليج من أزمة صارت مفزعة ومقلقة للغاية.
التعليقات مغلقة.