صنعاء – اخبار محلية
تصاعدت أعداد الإصابات بوباء الكوليرا في صنعاء، التي يسكنها أكثر من 3 ملايين نسمة من مختلف مناطق اليمن. وأدى تراكم القمامة في شوارع وأحياء المدينة إلى تفشي الوباء على نحو كبير، جعل العاصمة اليمنية منطقة موبوءة بامتياز.
وأكد مصدر طبي في مركز 22 مايو بمنطقة مذبح ارتفاع معدل الإصابات بـ«الكوليرا» التي يستقبلها المركز من 50 حالة إلى 85 حالة كحد أدنى يومياً. كما تبين أن الوباء أكثر انتشاراً في المناطق الشعبية والأحياء الفقيرة في العاصمة، مثل منطقة مذبح وحي السنية، «إلا أننا قابلنا مصابين من مختلف الأعمار قدموا من حي عطان، ومن شارع هائل وسط العاصمة، ومن حي شملان وأحياء أخرى، يعانون من نفس الوباء».
الفقر والوباء
أربع وفيات جديدة استقبلتها مقبرة مذبح يوم السبت، وثلاث وفيات دفنت يوم الجمعة، ووفيتان الخميس. كل يوم تستقبل المقبرة وساكنوها القدامى ضحايا جدداً، فارقوا الحياة بسبب وباء الكوليرا، كما أكد مسؤول المقبرة، حميد الهميس، لـ«العربي»، مطالباً حكومة الإنقاذ بسرعة إنقاذ سكان حي مذبح من «الكوليرا» الفتاكة. يتحدث الهميس بألم شديد عن بعض مصابي «الكوليرا» من جيرانه، والذين يعانون من شدة الفقر وعسر الحال، ولا يستطيعون إسعاف أنفسهم للمستشفيات، فيواجهون الوباء بالسكر والماء وبعض نصائح المواطنين، وينتظرون الشفاء أو الموت.
السجون
نهاية الأسبوع الماضي، اكتُشف ست حالات مصابة بـ«الكوليرا» في السجن المركزي بصنعاء، الذي يتواجد فيه ما يزيد عن 200 سجين. وفي بلاغ تلقاه «العربي» من الأسير الجنوبي، أحمد المرقشي، المتواجد في مستوصف السجن المركزي بصنعاء منذ خمس سنوات، طالب إدارة السجن بالتدخل العاجل لإنقاذ السجناء، ونقله إلى مكان آمن.
تجاوبت إدارة السجن، ولبت طلب المرقشي بنقله إلى العنبر رقم 4، وسُمح له بإدخال كافة أدويته التي يتعاطاها باستمرار لإصابته بمرض مزمن. كما تدخلت السلطات الطبية لحماية السجناء من الوباء.
الوضع كارثي
فؤاد البريهي، طبيب متخصص في العناية المركزة، حذر، في تصريح إلى «العربي»، من أن «الوضع كارثي بالفعل»، مشيراً إلى أن «متوسط استقبال المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة في العاصمة صنعاء،و التي تتجاوز العشرات، ما بين 8 – 10 حالات يومياً». ولفت إلى أن «الحالات الناتجة من الوباء ثلاثة أنواع: الحالات البسيطة التي يمكن معالجتها بتعويض المصاب بالسوائل، والحالات المتوسطة التي يتماثل البعض منها للشفاء في حال إدخاله عناية مركزة وإجراء عملية إنعاش وغسيل كلوي للمصاب، أما الحالات الحادة والتي تصل المستشفيات متأخرة فتكون نسبة الشفاء ضئيلة جداً».
ونبه البريهي إلى أن «هناك مشكلة أخرى تتمثل في الامكانيات الطبية لمواجهة الوباء»، موضحاً أن «الكثير من المصابين بهذا الوباء بحاجة إلى غسيل كلوي، وإمكانيات مراكز الغسيل الكلوي متواضعة، وكانت تعاني من شح الإمكانيات، والكثير منها توقفت، والبقية معرضة للتوقف بسبب نقص المستلزمات الطبية والمحاليل الضرورية للغسيل الكلوي».
غرف طوارئ
ونتيجة لانتشار الوباء كالنار في الهشيم خلال الأيام الماضية، أعلنت السلطة المحلية في العاصمة صنعاء، السبت، عن تشكيل غرفة طوارئ في كل مديرية من مديرياتها العشر لمواجهة «الكوليرا». كما ناشد مكتب الصحة في أمانة العاصمة المنظمات الدولية سرعة توفير المحاليل واللقاحات العلاجية الخاصة بـ«الكوليرا»، نظراً للنقص الشديد في المستشفيات والمراكز الصحية.
«الكوليرا»… فرضية فقط؟
على الرغم من ارتفاع أعداد الضحايا من المئات إلى الآلاف في العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى، لا يزال مصدر الوباء مجهولاً، ولم يتم التأكد منه مخبرياً. هذا ما أكده دكتور متخصص في الباطنية يعمل في مستشفى حكومي بصنعاء، طلب عدم الكشف عن اسمه. وكشف الطبيب المذكور، لـ«العربي»، «عدم وجود أي شيء، حتى الآن، يؤكد أن الوباء كوليرا»، مشيراً إلى أن «أعراض المرض مشابهة للكوليرا وأكثر حدة منها، إلا أنه لم يثبت مخبرياً أنه كوليرا»، ولذلك يصف الكثير من مسؤولي الجانب الصحي في صنعاء، ومنهم وزير الصحة، الوباء بـ«الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا».
قاتل مجهول
وفيما لا يزال مصدر الوباء مجهولاً، ثمة شكوك بتلويث متعمد للمياه، ووقوف «قوى معادية» خلف انتشار الوباء، فيما يخشى المراقبون من تقييد الوباء القاتل باسم مجهول!
العربي – رشيد الحداد
التعليقات مغلقة.