البلد يتدحرج إلى مصير مأساوي.. لا أحد يكترث. وحدهم "برامكة" علي محسن يشقون الطريق صوب المستقبل بثبات للسيطرة على الحاضر بعدما ابتلعوا الماضي، وهم لا يكفون عن اغتنام يافطة " الثورة وحاميها" وحالة فوضى سائدة تضمن لهم السلامة من المساءلة القانونية وكذلك الربح وتحقيق المكاسب.
أن تكون ضابطا الآن في "الجيش الحر" ذلك لا يكفي. يجب استثمار المنصب ليكون نقطة الانطلاق صوب المجال الواعد بلقب إضافي: تاجراً، أو رجل أعمال، متخفياً ببزة عسكرية. انه الرهان الأنسب لتجد نفسك لاحقاً صاحب رأسمال يبحث في فرص استثمار لائقة!!
لا شيء يبدو احتمالاً مفترضاً لإعاقة المشوار والحد من عمليات فساد كبيرة ، وان كان دستوراً لا يصطحبه ضباط الفرقة الأولى إلا للسير في اتجاه معاكس..
المرحلة الأولى لنشأة وتكوين "رأسمال" باتت محسومة ولم يعد النشاط التجاري مجالاً يتهيب العسكر اقتحامه.. لقد صار الهم الأكثر حرارة في زحمة التنافس، فرض السيطرة على الممتلكات العامة. ونهب أراضي وعقارات الدولة وممتلكات المواطنين الخاصة.
من خلال المناصب العسكرية أمكن لكثيرين من الضباط تكوين امبراطوريات مالية طفيلية نتاج ممارسات نهب وسطو، مستغلين الوظيفة العامة وتحت غطائها، عبر خصخصة الأراضي العامة ونهب الخاصة من خلال قرارات علوية مصدرها قيادة الفرقة الأولى مدرع..
أخذت شكل العطايا فيما بعد وكذلك إعادة تدوير موازنات الفرقة الأولى والمنطقة الشمالية للجيوب الخاصة.
في هذه الجزئية تقول معلومات حصلت عليها الصحيفة من مصادر عسكرية مقربة من قيادة الفرقة الأولى بان التقديرات تشير إلى أن أكثر من 40 بالمائة من الموازنة تذهب، بالتقاسم، إلى جيوب كبار ضباط الفرقة مدرع.
وبحسب المصادر فإن «عمولات مدير مكتب اللواء علي محسن الأحمر العقيد عسكر زعيل من عقود المشتريات والإنشاءات والتجهيزات وكذا صفقات السلاح، 30% إلى جانب العمولات والإتاوات التي يحصل عليها من المقاولين والتجار بحكم المنصب (عسكر زعيل مدير المشتريات بالفرقة الأولى والمنطقة العسكرية الشمالية الغربية) فضلاً عن مبالغ المجاملة التي يمنحها التجار والمقاولون لكبار الضباط المتصلين بمراكز النفوذ وعسكر زعيل أحدهم ( قائد الفرقة الأولى) وهذه أيضا تدخل ضمن مكونات الفساد الميري في الفرقة.
كل أشكال استثمار المنصب وممارسات الفساد بأشكاله تحدث في الفرقة وغياب أي مظهر للرقابة والمحاسبة شجع على المزيد. لكن الأمر يبدو أسوأ من ذلك، إذ يقوم ضباط الفرقة بنهب أراضي وممتلكات المواطنين في عدة مناطق ومحافظات فيما تركزت أخيرا عمليات النهب والسطو في محافظة الحديدة.
عقود الإنشاءات العسكرية أكثر المجالات إدرارا للأرباح. لذلك يتسابق تجار الفرقة الأولى مدرع وأبناؤهم للاستئثار بها عبر شركاتهم المعلنة أو تلك التي تتبعهم من الباطن. حيث يمتلك علي محسن الأحمر مجموعة شركات لها نشاط لافت في هذا الجانب ويديرها نجله محسن. كما حازت عقود مقاولات لمشاريع عدة خارج الفرقة والمنطقة الشمالية بمليارات الريالات.
علي محسن يجني ثمرة "الخدمة" في القوات المسلحة على مدى العقود الماضية، وبإمكان ولده "محسن" الحصول على كثير من الصفقات المشبوهة و الباذخة.. بينما تتحدث معلومات عن نشاط لشركات علي محسن الأحمر المتخصصة في مجال النفط ومجموعها "36 شركة" بتكليف مباشر من قائد الفرقة دون مناقصات رسمية.
استثمار في الجيش
حال القائد العسكري اللواء صالح الضنين نائب قائد الفرقة الأولى مدرع يبدو مطمئناً، فهو يملك شركة مقاولات نالت عقوداً كثيرة في محافظة تعز، وضع قبل سنوات حجر الأساس لإنشاءا ستاد رياضي. كانت شركة (ريدان) التابعة لقائد معسكر خالد المرابط في المخا تحتفي، حينها، بحصولها على عقد الإنشاء.
اللواء صالح الضنين، هو الآخر، كان له حظ وافر من سنوات الخدمة العسكرية واستغلها في نهب أراضي وعقارات الدولة (الضنين من كبار ناهبي أراضي عدن) قبل ان يصبح الآن متربعاً على رأس مجلس إدارة أكثر من شركة.
ومارس الضنين نشاطا كبيرا في النهب والبسط في عدن وهو في أوج حضوره الآن كناهب كبير للأراضي في الحديدة، إذ كان آخرها نهب عشرات الهكتارات في محيط مطار الحديدة.
وإلى جانب شراكته في المقاولات يملك الضنين شركة استيراد وتصدير، بمعية أحد أقربائه. فضلا عن تملكه شركة مساهمة في مجال الاستكشافات النفطية.
كل هذا النشاط المتعاظم لـ"برامكة علي محسن الأحمر" في النهب والتجارة لا ثمرة فيه يقطفها البلد، سوى المزيد من تكديس الثروة والجاه في الجيوب الخاصة بهم.
حتى الضرائب والجمارك التي يكبل بها الرأسمال الوطني تتلاشى في طريق الرأسمال الطفيلي الذي يتغذى من المال العام وثروة البلد.
كشوف الضرائب والجمارك ليست لائقة بهؤلاء ولا شيء تحصله خزينة الدولة حصاد ذلك النشاط المجرم.
إن بلداً له سلطة منفلتة كهذه ، تتيح ساحة واسعة لنهب الوطن وثروته.. الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كان كشف عن فضائح عدة تتجاوز الاختلاسات من بينها (20) مليار ريال خسرتها الدولة جراء إعفاءات جمركية لشركات نفطية، وعلي محسن الأحمر هو النافذ الأكثر فسادا ونشاطا في هذا المجال: الشركات النفطية .
فالرجل الذي يقود الفرقة الأولى مدرع التي تضم عدداً من الألوية العسكرية في جميع القطاعات وكذلك المنطقة الشمالية الغربية لم يقتصر اهتمامه على الشأن العسكري والسياسي. شركة (ذكوان) يرأسها ولده محسن علي محسن. وهي ناشطة في مجال الخدمات النفطية والمقاولات.
وعمد علي محسن الأحمر منذ انتهاء حرب صيف عام 1994م إلى التصرف بأراضي المحافظات الجنوبية سواء في محافظة عدن أو في غيرها من المحافظات..
وأصدر العديد من أوامر الصرف والتوزيع لتلك الأراضي على مقربين منه وكأنها ملكية أو وريثة خاصة مستغلاَ بذلك سلطته العسكرية غير آبه ولا مكترث بمشاعر المواطنين الذين هم في الأساس أصحاب تلك الأراضي وملاكها الحقيقيون.
وهي ذات الممارسات التي دأب عليها اللواء علي محسن الأحمر في كثير من المناطق بالمحافظات الشمالية، التي نهب واستولى فيها على كثير من أراضي المواطنين سواء باغتصابها وتملكها قهراً أو بالتصرف بها وتوزيعها وصرف عقود تمليك للغير بأوامر شخصية ومباشرة منه وبتوقيعه.
وفي منطقتي مذبح شملان والسنية بأمانة العاصمة صنعاء الواقعتين بالقرب من معسكرات الفرقة الأولى مدرع التي يقودها، نموذج مبسط لضحايا اللواء محسن جراء البسط على أراضيهم وبشكل تعسفي فضلا عن الكثير من نماذج البطش والابتزاز للمستثمرين والشركات النفطية، إذ سيطر علي محسن ومافيا الفساد التابعة له على كثير من الشركات والاستثمارات التجارية ومارسوا التهريب بمختلف أشكاله، بما في ذلك تهريب الغاز والنفط والأسلحة، حتى تجارة وتهريب الممنوعات شملها أيضاً نشاطهم.. وفقاً لمعلومات دقيقة ومؤكدة.
التعليقات مغلقة.