قراءة في خطاب السيد عبد الملك الحوثي بمناسبة عاشوراء 1435هـ
جاء خطاب السيد عبد الملك الحوثي في مناسبة عاشوراء لهذا العام حافلا بدروس وعبر من ثورة الإمام الحسين عليه السلام للاستفادة منها في واقعنا المعاصر كما تضمن حلول لمشاكل تعاني منها الأمة الإسلامية عامة واليمن خاصة ورسم مرحلة قادمة جديدة للشعب اليمني وطالب بخطوات من الشعب والقوى السياسية منع مخطط جديد أمريكي ببناء سجن مثيل لغوانتامو في جزيرة سقطرى
لو عدنا قليلا إلى خطاب السيد في عيد الغدير فبعد الأحداث في محافظة عمران وانتصار المستضعفين على المتسلطين من المشائخ والقوى التقليدية رسم حينها مرحلة مستقبلية تتمثل في أن زمن السيطرة على الناس واستعبادهم بدون وجه حق قد ولى وهذا ما حدث بالفعل من خلال ما لمسناه بعد ذلك في خروج الناس في أكثر المناطق والمحافظات رفضا لهؤلاء وإجرامهم وحروبهم وقطعهم للطرقات
واليوم وفي ظل التطورات الميدانية في دماج والتطورات الميدانية في اليمن منها قيام أمريكا إنشاء سجن في سقطرى كما ورد في وسائل الإعلام رسم مرحلة جديدة للمستقبل وذهب إلى ابعد مما كان سابقا بقوله سنقف في وجه الظلم بكل الوسائل المتاحة والسليمة والصحيحة بداء من رأس الشر التي بداءت تطل برأسها في اليمن أمريكا وعملاءها في الداخل وهذا شئ طبيعي في حالة تخلت الدولة عن واجبها في الدفاع عن مواطنيها وكرامتهم وسيادة بلدها فالمعول ( كما أشار السيد ) إلى الشعب لان النظام أصبح عميلا بالمكشوف ولن يستحي من عمالته لأمريكا وتنفيذ مخططاتها في البلد فالمعول على الشعب في الدفاع عن نفسه وعرضه ووطنه وكرامته انطلاقا من المسئولية الواجبة والدينية الملقاة على عاتق كل فرد في هذه الأمة
ولذلك سنحاول قراءة الخطاب من عدة جوانب منها رمزية إقامة المناسبة في ظروف استثنائية ثم لماذا إحياء هذه المناسبة حسب ما ورد في الخطاب ؟ ثم نحاول قراءة مضمون الخطاب وابرز ما جاء فيه
أولا :- رمزية إقامة المناسبة وقتا ومكانا
تأتي إحياء هذه الذكرى في وضع مفصلي تمر به اليمن عموما وأنصار الله خصوصا فالحشود الغفيرة التي حضرت وأحيت المناسبة في أكثر من محافظة ومديرية له دلالات كالتالي :-
- إن جسم أنصار الله صلب لم يتأثر بحرب هنا وهناك بدليل أن عليهم حرب مفروضة في ثلاث جبهات إضافة إلى حصار خانق لمحافظة صعده وحرب سفيان معقل أنصار الله وفي هذه الأجواء يقيمون هذه المناسبة بهذا الحضور الكبير في محافظة صعده وعدة محافظات ومديريات وغيرها
- إن أنصار الله متواجدون في كل الساحات والفعاليات ولن يستطيع احد مهما كان حجمه إلغاء هذا الكيان أو إشغاله بحرب هنا وهناك لصرفه عن قضاياه الحقوقية والسياسية وغيرها ومن خلال إقامة الفعالية بصنعاء جوار حي بيت الأحمر الصغير الذي يقاتل في دماج رسالة واضحة
- إن أنصار الله لن يتراجعوا عن خط الحسين ومبادئه ونهجه والتضحية مهما كلف ذلك من ثمن ومهما حاولوا منع إقامة مثل هذه المناسبات والفعاليات بتهديدات ما يسمى القاعدة وتحريض قنوات الفتنة وعدم الاستجابة من الدولة لحماية المواطنين أثناء الفعاليات وكل العراقيل المصطنعة لمنع إقامة هذه المناسبات
ثانيا :- لماذا إقامة مناسبة عاشوراء ؟
ليس كما يدعي الآخرون هنا في اليمن أن أنصار الله يقيمون هذا العزاء باللطم والشجب والبكاء وغيرها من الأكاذيب ضد أنصار الله
لذلك جاء الخطاب موضحا الأسباب لإحياء مثل هذه المناسبة كالتالي :-
- إحياء هذه الذكرى هو تعبير عن الحب والولاء والارتباط بسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام وإذا ما ارتبطت الأمة بشخص الحسين فان هذا الارتباط ارتباط بالمنهج والرؤية والمواقف التي تحرك على أساسها الإمام الحسين وهي رؤية القران ومسلك الرسول صلى الله عليه واله وسلم
- نستفيد من إحياء هذه المناسبة لنستلهم العزم والتفاعل مع قضايا الأمة والمسئولية التي انطلق منها الإمام الحسين عليه السلام
ج :- إحياء هذه المناسبة هو موقف في حد ذاته ضد الظلم والطغيان ورفضه وسلوك بعدم القبول بالذل والفساد والإجرام في كل شئون حياتنا وبالتالي فان هذا الارتباط سينعكس على واقع الأمة إيجابا في مقارعة الظلم والطغيان ولن تسكت الأمة على كل من يدجنها خدمة لأهداف يزيد عصر هذا الزمان أمريكا وإسرائيل
ثالثا : – ابرز ما ورد في الخطاب
الخطاب كان حديثا وعصريا بما للكلمة من معنى وليس سردا لواقعة أو قصة في التاريخ لأنه وصف يزيد كمنهج وليس شخص وربط منهجه بشواهد حية في واقع امتنا الإسلامية واليمن خاصة
فالخطاب قدم المنهج اليزيدي بما يتمثل في عصرنا الحالي بأمريكا وإسرائيل التي تقوم بأبشع الجرائم والانتهاكات بحق المسلمين وأعطى لها أشكالا عدة في واقعنا المعاصر كالتالي :-
- أمريكا وإسرائيل تقدم نفسها حقيقة أحيانا بما ترتكبه من أعمال مباشرة كضربها بالطائرات بلا طيار واحتلال البلدان وانتهاك أعراض المسلمين وقتلهم ملايين المسلمين والإساءة إلى مقدسات المسلمين
- شكل آخر لأمريكا وإسرائيل هم التكفيريون الذي وصفهم الخطاب بأبلغ وصف بقوله ( الذين نراهم اليوم أداة قذرة تمسح بها أمريكا كل أوساخها ) فهم يقومون بخدمة وتنفيذ أهدافها ولم نشاهدهم يوما من الأيام يفتوا بالجهاد في فلسطين ضد الكيان الصهيوني وحرمة دم المسلم على المسلم بل يذهبون لتنفيذ المخططات أينما اتجهت بوصلة أمريكا ففي السابق اتجهت البوصلة تجاه أفغانستان فذهبوا إلى هناك ثم اتجهت إلى سوريا فذهبوا ثم اتجهت حاليا إلى اليمن فأتوا من أكثر من مائة وعشرين بلدا
- كما أن من أشكال أمريكا وإسرائيل العملاء الذين يتحركون لتنفيذ مخططاتها في أي بلد تحتله ويروجون لها تحت عناوين مختلفة كما يحدث حاليا في بث الفتنة المذهبية بين أبناء الشعب اليمني وترويج ما يتم في دماج من اعتداء من قبل التكفيريين على مواطني صعده تحت عنوان الدفاع عن السنة
هؤلاء العملاء يخوضون حرب دماج بالوكالة تحت الإطار المذهبي بعد أن فشلوا سابقا في الحروب الست الماضية تحت عناوين مختلفة كانت أبرزها التمرد وفرض سيطرة الدولة …. الخ
وما منعهم من تكرار هذه الاتهامات لشن العدوان على أبناء صعده هو الاعتذار الذي قدمته حكومة ما يسمى بالوفاق لأبناء صعده وحرف سفيان والمناطق المجاورة لها فلم يبق لهم إلا الورقة الأخيرة وهي الفتنة المذهبية
كما أن من مهام هؤلاء العملاء قيامهم بدور المبرر والمهيئ وتدجين الشعوب لما تقوم به أمريكا ومنع أي خطوات ترفض وتؤثر على مصالح أمريكا بما يملكونه من وسائل إعلاميا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا
ففي بلدنا اليمن ركز الخطاب على فئة من هؤلاء وهم حزب الإصلاح لماذا ؟
- لان حزب الإصلاح أصبح ممسكا بمفاصل الدولة حاليا
- أن حزب الإصلاح حزب كما يدعي انه ديني وهذا يشكل أمرا خطيرا عندما يلبس هذا الحزب ثوب الدين لتحقيق مصالح سياسية دنيئة وأغراض شخصية رخيصة
- أن المواقف السابقة لحزب الإصلاح كلها كانت دفاعا وتمريرا للمخططات الأمريكية وتضليل وخداع للشعب كما سيأتي لاحقا
- إن هذا الحزب كان ينتقد حليفه على صالح سابقا بسماحه بدخول الطائرات بلا طيار وانتهاك السيادة اليمنية أما الآن فهو من يباركها ويساعدها ويقدم لها تذاكر الامتنان على أعمالها وكله باسم الدين
الكل سمع حزب الإصلاح عندما كبر وهلل وفرح وتغنى عندما قامت أمريكا بهيكلة الجيش … والكل أيضا رأى وسمع دعوات هذا الحزب لدخول أمريكا اليمن تحت حجة محاربة ما يسمى القاعدة … والكل شاهد زيارة السفير الأمريكي إلى أبين برفقة قيادي في الإصلاح …. وأيضا شاهد الكل رئيس حزب الإصلاح اليدومي يهدي السفير الأمريكي درعا تذكاريا بمناسبة انتهاء عمله وهو من قتل اليمنيين وانتهك سيادة البلد وعاث فيه فسادا … والكل يتابع حاليا ما يقوم به هذه الحزب من تحريض مذهبي وطائفي في وسائل إعلامه ورجال دينه في المساجد وغيرها
هذا الحزب وغيره من القوى السياسية عندما وجدهم الأمريكي مباركين خطواته كان منهم الجراءة في اتخاذ خطوات أكثر قبحا واشد خطورة على كرامة وعزة واستقلال الشعب اليمني بفتح سجن غوانتنامو في سقطرى ومن سيبرر هذه الخطوة كما توقع السيد هم حزب الإصلاح وبالفعل وكما هي عادتهم نجدهم حاليا بداءو يروجوا بان هذا السجن هو لتأهيل اليمنيين العائدين من غوانتناموا
إن إنشاء سجن أمريكي في اليمن له تداعيات خطيرة على الشعب اليمني كشعب ودولة كدولة ذات استقلال … لم يكن هذا السجن أبدا خدمة لمصالح اليمنيين بل سيكون وسيلة لإهانة كرامة اليمنيين وإخضاع كل حر وشريف ممن يقفون ضد مصالحها ومصالح عملاءها في الداخل
ولهذا تقدم السيد بالنصح للعقلاء من حزب الإصلاح والقوى السياسية أن يكفوا عن ممارستهم في التضليل لان ما يقوم به الأمريكيون خطر جدا على اليمنيين ككل ولن يفرقوا بين هذا الحزب او ذلك المذهب ولهم تجربة حديثة في سجن أبو غيب في العراق
وهذه خطوة خطيرة على الشعب فلذلك على الشعب نفسه أن لا يركن إلى من في النظام لأنهم أصبحوا عملاء بالمكشوف ويقوم برفض هذه الخطوة وسابقاتها بداية بطرد المار ينز من اليمن
- أما ما يحدث من أحداث في محافظة صعده فقد جاء الخطاب مختصرا في هذه القضية نظرا للثقة التي يتمتع بها أنصار الله بالتوكل على الله في فشل هذا المشروع ولذلك أوصل رسالة قوية وبكل وضوح لتجار الحروب ومن يقف خلفهم وهي الفشل لمشروعهم كما فشلوا سابقا وسيفشلون مستقبلا بسبب وعي الشعب ومعرفته بمخططاتهم الإجرامية ونياتهم العدوانية ولأنهم فقدوا كل عناصر القوة التي كانت بأيديهم سابقا من قبائل وسلاح وجيش وغطاء رسمي حتى أصبحوا مفلسين ودليل إفلاسهم هو توريدهم للأجانب من الخارج للقتال تنفيذا لمخططاتهم وهذا الإفلاس يدل على مرحلة النهاية لهم فقد وعى الشعب بمخططاتهم الفتنوية وأساليبهم القذرة ولفظهم ولذلك النصر قريب أن شاء الله كما أكد السيد بذلك
وقد ركز الخطاب على أن ما يحدث في دماج وغيرها من المناطق هي خطة أمريكية صهيونية بالدرجة الأولى قاطعا بذلك بعض التحليلات التي تنطلق من هنا وهناك بأنها حرب داخلية ومحصورة في قضية اعتداء ورد الاعتداء وان كان يستفيد منا البعض ( دول أو أشخاص) لمصلحته
بل لها أبعاد خارجية فمن أهدافها الأمريكية صرف أنظار الشعب اليمني عن ما يقومون به في اليمن وإشغال قوى الثورة عن تنفيذ أهداف الثورة التي لو تحققت بالتأكيد لن يكون للأمريكيين وعملاءها بعدها سلطة على الشعب اليمني
- أما الوضع السياسي في البلد فقد أكد السيد على ضرورة وجود حكومة عادلة كمخرج وحيد لما يمر به اليمن من عبث بأرواح الناس وثروات البلد وفوضى أمنية وفساد مالي …. الخ لان اتضح مع مرور الوقت بان حكومة السبت لم تقدم أي شئ لصالح المواطن بل ما زادت عليه المعاناة والخوف والانحطاط على كل المستويات
فلفظ العدل للحكومة المقبلة يعني أنها تتحمل مسئوليتها أمام الله وتنفذ العدل للشعب وفقا لتوجيهاته سبحانه وتعالى وليس وفقا لرؤى حزبية أو مصالح سياسية أو تنفيذا لرغبات شخصية
فوجود هذه الحكومة سيكون من نتائجها :-
- حل مشاكل الناس الحقوقية ورفع المظالم عنهم سواء في الشمال أو الجنوب أو تهامة أو غيرها على امتداد البلد بما يؤدي إلى اختفاء كل الاحتقانات الشعبية والمظاهرات المطلبية والوقفات الاحتجاجية
- إيقاف أي حروب عبثية تحت أي عناوين مختلفة
- استعادة سيادة البلد من الخارج واستقلالية القرار
- تحسين وضع الشعب من الناحية الاقتصادية بعد إيقاف مراكز النفوذ بنهب ثروات البلد
- انها الضمانة الوحيدة لتطبيق مخرجات الحوار الوطني وإخراج البلد إلى وضعية أفضل
أما إذا بقيت حكومة السبت فليتوقع الشعب المزيد من المعاناة والإذلال والقهر والعناء
التعليقات مغلقة.