صنعاء – صحافة عربية وغربية
أخيراً “طفح كيل” منظمة “أطباء بلا حدود” وقررت الانسحاب من اليمن احتجاجاً على قصف طائرات “عاصفة الحزم” لمستشفياتها.. إنها “إدانة” لـ”العاصفة” وتحالفها العربي.. وصفعة للأمين العام للأمم المتحدة. المقال الافتتاحي لجريدة “رأي اليوم” اللندنية الجمعة 19 أغسطس/ آب 2016.
أخيراً طفح كيل منظمة “اطباء بلا حدود” الدولية، وقررت يوم الخميس، وبعد صبر طويل جداً، إجلاء موظفيها من جميع المستشفيات الست التي تعمل فيها في شمال اليمن، احتجاجا على قصف طائرات العدوان “عاصفة الحزم” المتكرر لها، وقتل العشرات من الاطباء والاطفال والمرضى على حد سواء.
واعلنت المنظمة يوم الاثنين الماضي ان غارة طائرات التحالف السعودي التي قصفت مستشفى “عبس” في محافظة حجة، الذي تشرف عليه ادت الى مقتل 19 شخصا واصابة 24 آخرين، الامر الذي دفعها لاتخاذ قرارها بالانسحاب وطواقمها الطبية من اليمن.
البيان الذي صدر عن المنظمة في هذا الصدد، اكد ان “اجلاء الطواقم الطبية لم يكن سهلا لكن في غياب ضمانات موثوقة من اطراف النزاع باحترام المستشفيات والاطباء والمرضى ليس هناك اي قرار آخر”.
هذا الانسحاب، ومن قبل واحدة من اكبر المؤسسات الطبية الخيرية في العالم، يشكل ادانة صريحة لعاصفة الحزم السعودية وكل الدول المنضوية تحت راية “التحالف العربي” الذي تتزعمه، وتأكيداً اضافياً على انتهاكات حقوق الانسان اليمني، وتعريض حياته للخطر بسبب قصف طائرات هذا التحالف، والحصار الذي تفرضه دولها على اليمن.
لا يستطيع العميد ركن احمد العسيري، الناطق الرسمي باسم “العاصفة” ان يقول ان القصف يتسم بالدقة، ولا يستهدف الا الاهداف العسكرية، كما ان بان كي مون امين عام الامم المتحدة، سيحمر وجهه خجلا، لان قرار الانسحاب هذا جاء بعد اسابيع معدودة من قراره بتبرئة هذا التحالف من قتل الاطفال في اليمن، وازالة اسمه من القائمة السوداء رضوخا لضغوط وتهديدات من السلطات السعودية.
قيادة التحالف العربي شعرت بخطورة انسحاب هذه المنظمة الطبية العالمية الاحتجاجي، وما يمكن ان يترتب عليه من تبعات قانونية، ولذلك سارعت بإصدار بيان يعبر عن اسفها الشديد، وطالبت بعقد اجتماعات عاجلة مع المسؤولين فيها لبحث كيفية التوصل الى حلول لهذه الازمة.
لا نعتقد ان منظمة “اطباء بلا حدود” سترحب كثيرا بهذه الدعوة للقاء، وهي التي اكدت في بيانها “انها التقت مرتين في الرياض خلال الاشهر الماضية بمسؤولين كبار في التحالف العربي بقيادة السعودية، وسلمتهم خرائط بالمواقع الجغرافية للمستشفيات الست التي تشرف عليها، ولكن القصف استمر، واستهدف اربع مستشفيات”.
المنظمة تشعر ان قيادة “التحالف العربي” في الرياض لا تحترم وعودها وتعهداتها، وتتعمد قصف المستشفيات، وهذا ما يمكن استخلاصه من بيانها، مما يعني بالنسبة لها ان اي لقاءات جديدة ستكون عديمة القيمة مثل سابقاتها، وهي محقة في ذلك.
“عاصفة الحزم” المستمرة منذ 17 شهراً، على الأقل، وادت الى مقتل اكثر من سبعة آلاف يمني، واصابة عشرات الآلاف، ودمرت البنى التحتية المتهالكة الفقيرة، والمناطق الاثرية، مثلما قصفت مدارس، ومزارع ابقار، ومعامل تعبئة مياه، واعراساً، هذه العاصفة لم تحقق اياً من اهدافها، والاخطر من ذلك انها اغرقت المملكة العربية السعودية في حرب استنزاف بشرية واقتصادية غير معروفة النهايات، وهزت صورتها في العالم بأسره، عندما وضعتها في قائمة الدول التي ترتكب جرائم حرب وتقتل الاطفال، بعد ان كانت “حمامة سلام” تلعب دورا محوريا في تسوية النزاعات والصراعات حقنا للدماء.
قرار منظمة “اطباء بلا حدود” بوقف عملياتها والانسحاب من اليمن احتجاجا على قصف مستشفياتها وطواقمها الطبية ومرضاها، مؤلم ويدعو للأسف، خاصة في وقت تتصاعد فيه اعمال القصف الجوي، ويشتد الحصار على اليمن بعد انهيار مفاوضات الكويت الاممية للتوصل الى حل سياسي للازمة، ولكننا في هذه الصحيفة “راي اليوم”، نتفهم موقفها ومساعيها للحصول على ضمانات للحفاظ على ارواح العاملين والمرضى في مستشفياتها.
انه قرار شجاع وجريء، وصرخة احتجاج انتصاراً للابرياء الذين تمزق اجسادهم صواريخ طائرات لا تعرف الرحمة، كما انه “لا” كبيرة في وجه نهج الترغيب والترهيب الذي رضخ له امين عام الامم المتحدة ودول اقليمية عديدة، للأسف.
التعليقات مغلقة.