صنعاء – كلمة السيد القائد
النص الكامل لكلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
الآباء الأجلاء والأخوة الأعزاء، حكماء اليمن من كل الوجهات، من العلماء والمشائخ والأكاديميين ورجال المال والأعمال، وسائر وجهات مجتمعنا اليمني، شعبنا اليمني المسلم العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحب بكم جميعا، وأشكركم على هذا الحضور بالرغم من ضيق الوقت ومن ضيق المكان وما نتج عن ذلك من متاعب ومعاناة، وكذلك أؤكد أن حديثنا اليوم إليكم وإلى كل حكماء اليمن الذين لم تتح لهم الفرصة للحضور نظرا لضيق الوقت من جانب، ونظرا أيضا لضيق المكان الذي لا يمكن بالتأكيد أن يتسع لكل حكماء اليمن ولكل وجاهات وشرفاء البلد، نحن اليوم نتحدث إليكم جميعا، الحاضرون والغائبون ونتحدث إلى كل الشرفاء والأحرار في بلدنا العزيز حديثا من واقع الإحساس بالمسؤولية، المسؤولية التي تجمعنا جميعا والهم الذي يوحدنا جميعا والواقع الذي نشترك فيه جميعا، نحن منذ شهر رمضان المبارك سعينا وبذلنا الجهد لأن يكون هناك دور متميز وحاضر وفاعل لحكماء اليمن من مختلف الفئات والوجاهات والشخصيات، وأن لا تستأثر القوى السياسية في زعمائها وفي كبارها وقياداتها، ألا تستأثر بالتوجهات والمواقف بعيدا عن هذا الحضور القريب لكل الشرفاء في هذا البلد؛ لأن المسؤولية علينا جميعا ولأن الأمر يهمنا جميعا، ولأننا في مرحلة استثنائية وتاريخية ومصيرية كل ما فيها مصيري على هذا البلد وعلى هذا الشعب، وكان الاجتماع في العاشر من شهر رمضان، اجتماعا حاشدا وكبيرا، وكان الحضور فيه معبرا عن كل المكونات، بما فيها المكونات البارزة في هذا البلد، على مستوى الحضور الكبير في الساحة اليمنية، وآنذاك كان العنوان الرئيسي واضحا لاجتماع العاشر من شهر رمضان والعمل على الحفاظ على وحدة الصف الداخلي، الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، وتعزيز الموقف للتصدي للعدوان الغاشم الظالم على شعبنا المسلم العزيز، بدأ ذلك الاجتماع وكان اجتماعا مميزا وكان اجتماعا أيضا مهما وعلى أساس أن يستمر هذا المسار لرجال هذا البلد من مختلف مكوناته، للعلماء والمشائخ والأكاديميين ورجال المال والأعمال، وكل النخب أن تكون هي بذاتها، بنفسها حاضرة في المشهد السياسي، مطلعة على المواقف وان تكون هي بنفسها تسعى باستمرار للحفاظ على وحدة الصف في هذا البلد وعلى تماسك الجبهة الداخلية في هذا البلد، لماذا؟ لأنه بالتأكيد يسعى العدو الذي بدأ عدوانه علينا من قبل عامين ونحن اليوم في العام الثالث، يسعى بكل جهد وبكل وسيلة إلى تفكيك الجبهة الداخلية ليتمكن من حسم المعركة التي عجز عن حسمها مع كل ما قد بذله من جهد ومع ما قد كلفه هذا العدوان من خسائر باهظة جدا جدا على المستوى المادي وعلى المستوى البشري، كنا ندرك ولا زلنا ندرك أن وحدة الصف في هذا البلد وأن تماسك الجبهة الداخلية في هذا البلد وأن تعزيز الموقف في التصدي للعدوان يحتاج إلى جهودكم أيها الأعزاء، ويحتاج إلى الاهتمام من الجميع والعناية من الجميع والاهتمام المستمر من الجميع، ويحتاج إلى مراقبة مستمرة حتى يكون هناك جهوزية للتصدي لأي محاولة من محاولات تفكيك الجبهة الداخلية، وضرب الصف الوطني والمساس بتماسك الجبهة من الداخل، ولكن لم يكن البعض يرغب في هذا الدور، ولم تكن تتفاعل بعض القوى السياسية وبعض المكونات مع هذا الدور وهو دور طبيعي لا ينبغي أن يأنف البعض منه، ولا أن يستنكره البعض، ولا أن يشمئز البعض منه، من الطبيعي جدا أن يكون أبناء هذا البلد، رجاله وهاماته وقاماته وقياداته، ووجهاؤه، علماؤه، نخبه، أن يكونوا حاضرين، من الطبيعي جدا ومن اللائق أن يكون لهم هذا الدور، ما الذي يبرر أن يتهرب البعض من إعطائكم في هذا البلد هذا الدور الذي نحتاج إليه جميعا ويحتاج إليه البلد، بل إنه حق طبيعي لأبناء هذا البلد جميعا، وفي المقدمة الوجاهات العلمائية والأكاديميين والمشائخ ورجال المال والأعماء وكل الذين في صدارة الشعب وفي صدارة الموقف، الكل أيضا معنيون من واقع المسؤولية لأن على الجميع مسؤولية أن ينهضوا بهذا الدور وأن يحملوا هذا الاهتمام وأن يتحلوا بهذا الحرص.
نحن اليوم في مرحلة مهمة جدا، ونحن سنصر ونأبى إلا أن يكون لكم في كل هذا البلد، أنتم الحاضرون وكل الإخوة الذين أنتم تعبرون عنهم والذين لم تتح لهم الفرصة للحضور ولم يكن المكان يتسع لحضورهم لأن الصالة ضيقة والوقت كان مستعجلا، سنصر بالتأكيد على أن يكون لكم هذا الدور وعلى أن تنهضوا بهذه المسؤولية وعلى أن تحضروا في المشهد عن كثب وعن قرب، وعلى أن يكون لكم اطلاع على سير الأوضاع، على المستوى السياسي وعلى مستوى أداء مؤسسات الدولة وعلى مستوى الاطلاع على الواقع الذي تعيشه حالة الوحدة وحالة التعاون ومدى الانسجام في الموقف في التصدي للعدوان ما بين المكونات البارزة والرئيسية.
إننا أيها الأعزاء والكرماء كلنا يعرف وكلنا يعلم في هذا البلد أن العدو الباغي المعتدي في هذا العدوان الأمريكي السعودي وكل من لفه معه في هذا العدوان منذ يومه الأول، كان عازما وكان ساعيا وكان مقررا لأن يدخل في هذه المعركة على أساس أن يحسمها، وعلى أساس أن يحقق أهدافها بكل ما فيها من مخاطر كبيرة على بلدنا، بكل ما فيها من كوارث بكل ما تعنيه الكلمة، أن يحتل هذا البلد بكله، أن يستعبد هذا الشعب بأجمعه، أن يذل الجميع بدون استثناء وبدون النظر إلى اعتبارات مذهبية أو مناطقية أو غير ذلك، وأن يتحكم في رقابنا كيمنيين وأن يسومنا سوء العذاب وأن يجعل منا كشعب كبير عظيم، وكبلد مهم في المنطقة مجرد رصيد يحسبه إلى أرصدته السياسية، وورقة يستغلها على مستوى المنطقة بكلها، ودخل في هذه المعركة وفعل كل شيء من اللحظة الأولى في سبيل أن يحقق هذا الهدف، في سبيل أن ينجح في حسم هذه المعركة، استباح كل الحرمات ولم يراعِ أيا من الاعتبارات، لم يلحظ أي شيء في هذا البلد أن يعطيه أي قيمه أو أي اعتبار، استهدف كل شيء في هذا البلد، وقتل الآلاف من أطفالنا في هذا البلد ونسائنا واستهدف المدن والقرى، استهدفنا في الأسواق، استهدفنا في المساجد، استهدفنا في كل نواحي الحياة، وحاصرنا اقتصاديا، وحاول خنقنا اقتصاديا، بل حاول القضاء علينا اقتصاديا وعانى شعبنا بكله نتيجة هذا العدوان الأمرين، قتلا وجراحا ووضعا اقتصاديا صعبا جدا، إلى غير ذلك مما يطول، وصولا إلى انتشار الأوبئة والأمراض الناتجة عن هذا العدوان من خلال أسباب متعددة ووسائل متعددة، كلنا يعرف ذلك ولكن العدو بالرغم من كل ما قد فعله، بالرغم من إمكاناته العسكرية الكبيرة والهائلة التي وفرها الأمريكي، والتي شغلها الأمريكي في هذا العدوان، وبالرغم من كل الجرائم الفظيعة، الجرائم الرهيبة التي ارتكبها بحق شعبنا، وبالرغم من حجم الأحداث المهول لكثرة ما كان هناك من أعمال هجومية، لكنه فشل في النهاية في حسم هذه المعركة وفشل في تحقيق أهدافه كلها، وكانت نجاحاته لا تعتبر إلا نجاحات جزئية ومحدودة في مقابل ما كان لديه من أهداف معروفة للجميع، ما الذي سبب فشله؟ ما الذي سبب إخفاقه إلى اليوم، هو الصمود العظيم، الوقفة المشرفة المعتمدة بالتوكل على الله سبحانه وتعالى، أن شعبنا اليمني بمختلف فئاته وأعني كل الأحرار في هذا البلد، وبالتأكيد لا أقصد المتخاذلين ولا المثبطين ولا الخونة ولا العملاء، الشرفاء في هذا البلد، الأحرار في هذا البلد، الصامدون في هذا البلد، الأوفياء في هذا البلد من كل مكونات هذا الشعب وقفوا متوكلين على الله مراهنين على الله، معتمدين على الله، وواثقين بالله سبحانه وتعالى، وهو رهان في محله، رهان لا يخيب من حمله، ولا يخيب من بنى عليه واعتمد عليه، الرهان على الله، التوكل على الله سبحانه وتعالى هو أساس النجاح وأساس الثبات وأساس الفلاح، هذا الصمود العظيم الذي كان فيه صبر كبير على المتاعب وعلى التضحيات، التضحيات الجسام، الآلاف المؤلفة من الشهداء الأبرار وعشرات الآلاف من الجرحى والآلاف من المعاقين، العدد الكبير من المنازل المدمرة، الصبر على معاناة الجوع والفقر والمرض، الصبر على كل المعاناة بكل أشكالها، في المدن وفي الريف ومن مختلف فئات الشعب، صبر العدد الكبير من الموظفين مع انقطاع المرتبات لأوقات طويلة ولأشهر متتابعة، هذا الصبر له هذه الثمرة، صمود شموخ، ثبات، حرية، إباء، استقلال، كرامة، هذا الصبر هو الذي حفظ لنا استقلالنا كشعب يمني، هو الذي نتج عنه هذه الرعاية الإلهية، هذا العون العظيم من الله سبحانه وتعالى، فتمكن شعبنا من الصمود بالرغم من كل ما هنالك من إمكانات، بالرغم من حجم العدوان وحجم الجرائم ومستوى المعاناة على النحو الكبير. فإذن هذا الصمود له قيمته، وكان لتماسك الجبهة الداخلية بالحد الأدنى في التفاهمات القائمة والتعاون القائم والتفاهم القائم، والانسجام ولو على نحو ما، كان له ثمرة طبية وإيجابية كبيرة وساعد على فشل الكثير من مؤامرات الأعداء ومخططات الأعداء.
اليوم نحن على أعتاب مرحلة مهمة ومرحلة حساسة ومرحلة خطيرة جدا، قوى العدوان قد تعبت، وقد كلّت وملّت وأُرهقت نتيجة فشلها وإخفاقها كل هذا الوقت منذ بداية العدوان وإلى اليوم، وما قد كلفها عدوانها على بلدنا العزيز ماديا وبشريا إلى غير ذلك، وأثر على سمعتها في الإقليم.
ولكن هناك خطة جديدة تحرص قوى العدوان من خلالها وتؤمل من خلالها على أن تتمكن من حسم المعركة، هذه الخطة لها مسارات متعددة، مسار عسكري، يحضرون اليوم لتصعيد كبير في عدد من الجبهات المهمة، أبرزها جبهات نهم وما إليها، نهم إلى صرواح، وجبهات الساحل وجبهات تعز، وبعض الجبهات، لكن هذه على نحو رئيسي وفي نفس الوقت يتزامن مع المسار العسكري الذي يعدون للتصعيد فيه مسارات أخرى خطيرة جدا يعولون عليها هي في أن تمكن المسار العسكري من حسم المعركة؛ لأنهم قد جربوا في الفترة الماضية أن المسار العسكري مع فشل المسارات الأخرى أو ضعف نجاح المسارات الأخرى لم يوصلوهم على النتيجة التي يحرصون إلى الوصول إليها في حسم المعركة عسكريا، المسار الآخر الذي يريدونه متزامنا مع المسار العسكري ومع التصعيد العسكري هو استهداف الجبهة الداخلية، الجبهة اليمنية، استهداف هذا البلد من الداخل حتى يؤثروا على الوضع العسكري وعلى تماسك الوضع العسكري الصامد في وجه قوى العدوان، وحتى يتمكنوا من خلال ذلك بالتأثير على جبهات القتال وإضعافها والحد من توافد الناس إليها والحد من الزخم البشري اللازم لحمايتها وتأمينها وقوتها، المسار هذا يتمثل في نشاط مكثف في الوضع الداخلي في هذا البلد:
أولا: تفكيك الجبهة الداخلية وإثارة النزاعات الداخلية والمشاكل الداخلية.
ثانيا: العمل على إبراز قضايا ثانوية واهتمامات هامشية حزبية وفئوية تطغى على المشهد الداخلي وتحتل الاهتمامات والأولويات وتبرز إلى الصدارة وتستحوذ على كل النشاط في الداخل، فينشغل الجميع بعيدا عن الاهتمام في التصدي للعدوان وراء انشغالات ثانوية وهامشية وفئوية هناك وهناك، وينسى الجميع الجبهة وينسى الجميع التصدي للعدوان.
ثالثا: العمل على حشد ما استطاعوا حشده في هذا البلد تحت عناوين ثانوية، فالبعض يطلب منهم ويراد لهم أن يتحولوا إلى وسطاء وأصحاب مبادرات، والبعض يراد لهم أن يحشروا تحت عنوان الحياد، وكأن هذا البلد لا يعنينا جميعا، وكأن استقلال بلدنا وحرية شعبنا أمر غير مهم ولا تتعلق به مسؤولية على الجميع، ويمكن فيه الحياد، ويمكن أن يتحول الأغلب من الناس فيه هذا وسيط، وهذا صاحب مبادرة وهذا محايد، وهذا خائن، ولتُحاصر الفئة الصامدة الوفية الثابتة المدافعة عن هذا البلد، وليعلموا على محاصرتها ليس هذا فسحب، بل على تشويهها فيقال عن الثابتين الذين يبذلون أرواحهم وحياتهم في سبيل الله تعالى، وفي سبيل أن يبقى بلدنا بلدا حرا، وشعبنا شعبا حرا وبلدنا ويمننا مستقلا، يقال عنهم أنهم أصحاب مشاكل ومشاغبين وأنهم تجار حروب وأنهم وأنهم…، ويستمر النيل منهم إعلاميا وسياسيا وفي النشاط المجتمعي ويعمل الآخرون على محاصرتهم، ثم تنشط الوسائل الإعلامية على تلميع وتضخيم وتبجيل من يتجهون الاتجاهات الأخرى، فالذي يذهب إلى الجبهة ليقاتل أولئك الآلاف المؤلفة من الزاحفين على بلدنا، من المرتزقة ومن القوى الأجنبية التي تسعى لاحتلال هذا البلد، من يذهب للتصدي لهم والوقوف أمامهم والعمل على الدفاع عن هذا الشعب يقال عنه الكثير من الأقاويل، فهو مشاغب، وهو رجل مشاكل، وهو تاجر حرب، وهو وهو إلى آخره، والذي يخون هذا البلد أو يتآمر على هذا البلد، أو يدخل في صفقات مشبوهة على حساب حرية واستقلال وكرامة هذا البلد هو الحكيم، وهو السياسي، وهو المفكر، وهو وهو وهو إلخ من عبارات التبجيل، والمديح المصطنع، هذه المسألة يجب أن نلتفت إليها جميعا، المساعي أيضا بتفكيك الجبهة الداخلية هي اليوم في مرحلة خطرة، وفي مستوى يجب التنبه له، والحذر منه، والسعي للحد منه، لأن هناك أنشطة كبيرة ويساعد عليها أمران:
الأمر الأول: الاختراق الكبير لبعض المكونات السياسية، فداخلها البعض من القيادات والناشطون إعلاميا، ومجتمعيا، ممن قد تمكن العدو من شرائهم، وأصبحوا يستلمون فلوسا من العدو ومبالغ مالية في سبيل أن يؤدوا دورا مرسوما لهم مع بقائهم في الداخل، مهمتهم العمل على النيل من المكونات الأخرى، وشق الصف الوطني، وإبراز عناوين تطغى على العنوان الرئيسي الذي يفترض أن له كل الأولوية وهو التصدي للعدوان، واهتمامات وانشغالات أخرى يدفعون بالمكونات إليها دفعا، بعيدا عما له صلة بالمسؤولية.
جانب آخر أيضا هناك تماهٍ إلى حد كبير بالتركيز على الاهتمامات التي هي ذات طابع فئوي، أو طابع حزبي، لأن تكون هي الرئيسية، الاهتمامات التي تطغى على كل الاهتمامات الأخرى، التي تحتل كل الأنشطة، وتسيطر على كل التفكير وعلى كل العمل، تسيطر على الإعلام، تسيطر على النشاط المجتمعي، تطغى على كل شيء، في مرحلة من أهم المراحل.
فإذن اليوم يؤمل فيكم أيها الأعزاء أيها الشرفاء، أنتم أيضا من كل المكونات، أنتم اليوم الحاضرون في هذا المكان، وأيضا الغائبون الذين لم تتح لهم فرصة الحضور وما كان المكان أيضا ليتسع للجميع، الصالة ضيقة، لكن الكل، حكماء اليمن هم من كل المكونات، وهم المعروف عنهم وعن أكثرهم الحرص والاهتمام بهذا البلد، والحرص على مصير هذا البلد، وعلى مستقبل هذا البلد، وعلى حاضر هذا البلد، أنا اليوم لا أتكلم معكم لا شاكي ولا باكي، أنا اليوم أتكلم معكم على أساس أنكم جنبا إلى جنب معي، مع كل الأحرار في هذا البلد، احنا كلنا أصحاب مسؤولية واحدة، احنا كلنا أصحاب هم مشترك، والشيء الطبيعي أن يكون لكم حضور، وملامسة للواقع، وتدخل في الإشكاليات، ومعالجة لبعض المشاكل، وألا تكونوا مجرد متفرجين على الأحداث، ما تنتبهوا وهذا اتجه له من اتجاه وذاك اتجه له من اتجاه، لا؛ أنتم في هذا البلد من هم موجودون اليوم ومن هم لا يزالون في بقية المناطق، أنتم لكم دور رئيسي، ولكم أهمية كبيرة، سواء في الوضع السياسي، أو في الموقف العام، أو في التصدي للعدوان، ومطلوب منكم أيضا أن تحرصوا ونحن إلى جانبكم في أن تؤدوا هذا الدور بفاعلية كبيرة، فاليوم هناك نشاط مكثف على التجميد الجبهة الداخلية أن تصاب بالركود والتجمد، وأن تبقى جبهات القتال فارغة إلا من القليل، حتى يتمكن العدو من اقتحامها، هذا هو الهدف الرئيسي لقوى العدوان، وهو الهدف من الدور الذي يؤديه بعض المشبوهين في بعض المكونات، الذين يدفعون إلى اهتمامات ثانوية وفئوية، ويؤججون النزاعات الداخلية، والمشاكل الداخلية.
أيضا مطلوب منا جميعا في هذا البلد، من كل أبناء هذا البلد الأحرار، من عموم المواطنين في هذا البلد أن يكون لدينا الوعي تجاه بعض العناوين التي يسعى الآخرون إلى إبرازها، عنوان الحياد، الحياد اليوم ليس حيادا مشرفا، حياد أمام معركة تهدف إلى احتلال بلدك، ماذا يعني أن تكون محايدا، يعني أن تكون متنصلا عن المسؤولية، قد تكون جبانا، أو قد تكون على النحو الذي تمكن الآخرون من شرائك أو شراء موقفك، نتيجة مبالغ مالية، ومكاسب مادية وسياسية معينة، إذا كانت المسألة حيادا أمام قتل الآلاف المؤلفة من الأطفال النساء، أي حياد هذا؟ هل يتحلى بالمسؤولية من يحايد أمام مجازر كهذه، وأمام مآسٍ كهذه، أمام مظلومة شعبك التي لا نظير لها اليوم في الأرض، هذا حياد! حياد في محله؟ لا؛ الذين يتحدثون أيضا عن الجبهات الداخلية، سواء الجبهات في تعز، الجبهات في مأرب، الجبهات في الجوف، الجبهات في شبوة، كل الذين يقاتلون فيها إلى جنب من يقاتلون، الذين هم في صف العدوان، من المعلوم أن المسألة ليست مسألة مشاكل داخلية ما بين اليمنيين، “ليش البعض بيساعده يضحك على الناس، بيقدر أن الناس ما هم عارفين، بيقدر أن الناس أغبياء، البيض بيكذب ولا بيستحي، وبيجي ” يصور لنا أن المقاتلين في صف العدوان تحت إمرة ضباط أجانب موجودون في غرف العمليات في مأرب، وموجودون أيضا في جبهات الجنوب، وفي جبهات الوسط، إماراتيين، وسعوديين، والمسألة معروفة، ويحاول البعض يتنكر لها، ويقول يا جماعة [لا داعي للمشاكل، ويتناسى] الارتباط بالموقف الأجنبي، ولا هم مجرد مرتزقة وعملاء خونة، باعوا أنفسهم من المعتدي الأجنبي الذي له أهداف مشؤومة وخطيرة، ومصيرية على هذا البلد، لا يبقى لأبناء هذا البلد ولا لأبناء هذا الشعب معها – لو تحققت – أي كرامة ولا حرية ولا استقلال ولا شيء.
أيضا هناك أمور مهمة جدا، يجب الانتباه لها والملاحظة لها، نحن منذ تأسيس أو تشكيل المجلس السياسي الأعلى، ثم فيما بعد ذلك تشكيل الحكومة، فرحنا بهذا الخطوة، لأنها تعزز الشراكة في إدارة مؤسسات الدولة، وتعطي لها الفاعلية، هذا كان أملنا ولا يزال اليوم أملنا إن شاء الله، ولكن أنا أقول لكم أيها الأعزاء؛ حكماء اليمن، أنتم اليوم معنيون أن يكون لكم حضور لتقييم أداء مؤسسات الدولة بكلها، بكلها، سواء الحكومة، أو المجلس الأعلى، أو حتى مجلس النواب، أو أيا من مؤسسات الدولة، أن يكون لكم دور شعبي يعني مطلوب من أبناء هذا البلد من وجاهاتهم من علمائهم من مشائخهم من أكاديمييهم، من الجميع، أن يكون لهم اهتمام بتقييم أداء مؤسسات الدولة، والوقوف على طبيعة المعوقات، والمشاكل، والاختلالات، وغير ذلك، وأن تكون الصورة شفافة وواضحة لديهم، لأن هناك تلبيسا كبيرا يحصل حول أداء مؤسسات الدولة، أنا أقول لكم: ما من شك بأن هناك عوائق كبيرة جدا أمام مؤسسات الدولة، وخاصة في الوضع الاقتصادي، لأن اليوم معظم موارد هذا البلد وإمكانات وخيرات هذا الشعب التي كانت مفعلة وكانت جاهزة، وأقصد بذلك المنشآت النفطية، النفط في مأرب، والنفط في شبوة، والنفط في حضرموت، هو اليوم تحت سيطرة قوى العدوان وعملائها، وهم الذين ينهبون النفط، وينهبون الغاز، وهم الذين يستفيدون من عوائده، وأيضا معروف مستوى العدوان فيما دمر، وفيما حاصر، وفيما ضيق، وفيما أثر فيه على الوضع الاقتصادي، التفاصيل تطول، ويمكن للمعنيين أن يشرحوا في هذا كثيرا، ولكن أقول لكم، بالرغم من كل ذلك نحن غير راضين عن أداء مؤسسات الدولة، ولا نرى فيها أنها تفعل على النحو المطلوب، هناك معوقات أمامها هذا صحيح، وتحتاج إلى أن يعينها الشعب، وأن يعينها رجال هذا الشعب، ووجاهات هذا الشعب، أن يكونوا إلى جانب هذه الحكومة، وإلى جانب المجلس الأعلى، إلى جانب مؤسسات الدولة، داعمين، ومعينين، ومصححين، ومصوبين، ومواجهين للخلل، يدعمون الصح، ويمنعون الخطأ، هذا الدور مطلوب، ولكن ليس الدور النفاقي والابتزازي، الذي يحاول أن يلبس، يأتي البعض اليوم يقدم صورة ملتبسة، وكأن الذين هم في موقع المسؤولية في مؤسسات الدولة هم فقط أنصار الله، كأن الحكومة هذه هي حكومة أنصار الله فقط، كأن المجلس الأعلى لا يتواجد فيه إلا أعضاء محسوبين على أنصار الله، كأن البرلمان برلمان أنصار الله، كأن القضاء قضاء أنصار الله، كأن الأجهزة الرقابية كلها المنتسبين فيها من أنصار الله، كأن الهيكل الإداري والوظيفي للدولة كله فقط مكون ومشكل من أنصار الله، أنا أتحدى بصوت واثق، بلغة واثقة، بموقف مؤكد، أن نكون في أنصار الله نمثل الربع في الهيكل الأعلى الوظيفي للدولة، أو نمثل واحد بالمائة من الهيكل الإداري العام للدولة، نحن أقل الناس، نحن أقل الأقل من الناس حضورا في إطار مؤسسات الدولة، نحن لم نكن طلاب مناصب، ولا حرصنا في يوم من الأيام على الاستحواذ على مؤسسات الدولة، في المستوى الأعلى للوزراء، لدينا مجموعة أو عدد بسيط من الوزراء، وتركنا الساحة مفتوحة للشركاء والحلفاء والمكونات الأخرى، ومعروف بإمكانكم أن تعرفوا أسماء من هم الوزراء، كم منهم مؤتمر، وكم منهم أنصار الله، وكم منهم مساحة تركناها لبقية الشركاء، وبقية الحلفاء، وكم نمثل في الواقع الفعلي المعبر عنا مباشرة، بإمكانكم أن تعرفوا كذلك تركيبة المجلس السياسي الأعلى، كم نمثل فيه، وكم يمثل الآخرون فيه،
التعليقات مغلقة.