هيكلة الجيش على الطريقة الأمريكية
أحداث السبعين قذفت بموضوع الجيش والمؤسسة العسكرية بشقيها إلى الواجهة ونحن في المقدمة نستكر وندين هذا الحادث الإجرامي البشع ونقدم تعازينا ومواساتنا الحارة لأسر الضحايا والجرحى والمصابين ونؤكد أهمية الإستجابة لنداء الإستغاثة الطبي الذي وجهته الأجهزة الطبية المختصة بمستشفى (48) للتبرع بالدم ونود أن نسجل بعض النقاط والملاحظات.
أولا: الحادث الإجرامي المدان يحمل بصمات إستخباراتية متقدمة من حيث المكان والزمان وأدوات الفعل الجنائي التي لا تمتلكها سوى الدول العظمى ناهيك عن أي جماعات وعصابات مسلحة مهما كانت إمكانياتها وأن تصل إلى هذا العمق بالذات, مما يجعل أصابع الإتهام تتوجه إلي الأمريكيين مباشرة ليس جزافا بل وفق معطيات ووقائع إستدلالية وقرائن جنائية أيضا,أهمها أن فرضية وقوف شخصية إنتحارية وراء الجريمة أمر مستبعد وغير وارد على الإطلاق فهما كان حجم الشخص المنفذ- فرضا- وحجم الحزام والمواد الناسفة لا يمكن بحسب العلم والبحث الجنائيأن يخلف هذا الحجم من القتلى والجرحى إضافة إلى أن التفجير يتطابق تماما مع نوع العمليات التي كانت تحدث في العراق أثناء تواجد الإحتلال, وأن نوع المواد المتفجرة وحجمها يشبه تلك تماما, والتي لا يمكن أن تُحمل شخصيا عبر حزام ناسف, بل يتم زراعتها سطحيا أو تفخيخ السيارات والحاملات الثقيلة بها أو بأي طريقة أخرى فالأمريكيون قادرون على الفعل بأدوات ووسائل لم تعرف بعد,ومن ثم يمكن تفجيرها عبر التوقيت أو نظام عن بعد العسكري تحت ضغطة زر, وهذا النوع من المتفجرات والخبراتلا تمتلكه سوى أمريكا وإسرائيل, أضف أن بصمات (الفعل الجنائي) تؤكد وحدة الهوية التنفيذية بين ما حدث في صنعاء ومايحدث في أفغانستان والعراق والتمرس على هكذا أفعال, وهذا فعلا ما يؤكد تورط الأجهزة الإستخباراتية الأمريكية والصهيونية وأن ما تعلنه ما يسمى القاعدة من بيانات تبني وقوفها وراء الحادث هو نفسه ما يحدث مع نفس العمليات في العراق وأفغانستان, وهو نفسه دليل على وحدة الهوية المنفذة للجريمة, وأن القاعدة غطاء جنائي تتستر خلفه الإدارة الأمريكية ليس إلا.,,,هذا من حيث التحليل الأمني والبحث الجنائي وهذا ما أكده خبراء أمنيون ومحللون جنائيون ولذا لا يستبعد فعلا تفخيخ ساحة العرض مسبقا وزراعة مواد شديدة الإنفجار سطحيا تحت ضغطة زر أو إستهداف عن بعد كما حدث لتفجير جامع النهدين بدار الرئاسة بداية العام الماضي في مثل هذه الأيام تماما.
ثانيا: من الناحية السياسية والأمنية فملف (الجيش والأمن) يخضع للهيكلة الأمريكية وبيد السفير والخبراء الأمريكيين بشكل مباشر وعلني منذ توقيع المبادرة الخليجية والسفير ومسؤولي البيت الأبيض يتحدثون عن موضوع الهيكلة, وقد بدأ الرئيس هادي بقرارات شكلية إستهدفت شخصيات من الحجم الثقيل من المحسوبين على صالح كقائد الحرس وقائد الجوية, وواجه الرئيس هادي صعوبة في التنفيذ مما أستدعى تدخل المبعوث الأممي جمال بن عمر أكثر من مرة وتلويح الرئيس أوباما بالعصاء الغليظة وفرض قرارات نافذة ضد معيقي قرارات هادي, إضافة إلى تهديدات أممية ودولية بفرض قرارات مماثلة, مما يجعل فرضية (الجريمة السياسية) ضالعة في الحدث بإمتياز مع حدة الإنقسام في المؤسسة العسكرية بفعل تداعيات الوضع السياسي وتبعاته الراهنة تحت تأثيرات الثورة الشعبية السلمية, وإرتباط الحادث بأجندة الوضع السياسي لفرض قرارات الرئيس هادي وحملها على محمل الجد ووضعها موضع التنفيذ بعد أن تعثر تطبيقها وسريان مفعولها لإضفاء شرعية تنفيذية وأمنية وسياسية على قرارات مرتقبة, وما يؤكد صوابية هذه الرؤية صدور قرارات رئاسية بعد الحادث مباشرة أطاحة بقيادات عسكرية عليا كان يصعب تغيرها, من المحسوبين على صالح أيضا, كقائد الأمن المركزي وقائد النجدة ووكيل جهاز الأمن القومي عمار محمد عبدالله صالح دون أي مراوغة أو تلويح بالمماطلة تحت وطأة الظرف الأمني المفخخ.
وصلت الحرب الأمريكية إلي ساحة الجيش بعد سلسلة من الخطوات المماثلة خلال الأشهر الماضية كتسليم معسكرات بأكملها لما يسمى بالقاعدة ومقتل وأسر المئات منهم في المحافظات الجنوبية, والدفع به حاليا لخوض حروب مدبرة في الجنوب تحت قيادة قوات أمريكية وبريطانية لتتوّج تلك الجهود المبذولة في سبيل أمريكا بعملية(حنانة رنانة) لإستكمال عملية الهيكلة الموعودة, ومن زاوية سياسية ثانية هذا ما أوصلتنا إليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية إلي الدرجة التي نؤمن البلد للأمريكي ونوفر الحماية الكافية للسفير وجنود المارينز وقوات البحرية الأمريكية ولا نستطيع توفير أدنى مقومات الأمن لحماية الشعب والجيش, وهذه هي المحصلة لنتائج تطويع الجيش للأمريكيين وإخضاعه لهم بشكل أكبر مما كان عليه في الماضي أن يذبح المئات دفعة واحدة تحت مسمى الهيكلة, ونقول للجميع هذه هي هيكلة الجيش على (الطريقة الأمريكية) التي وعدنا بها سعادة السفير وكبار مسؤولي البيت الأبيض, الأمريكيون لا يريدون للجيش أن يتهيكل حقيقة ولا يتوحد, يريدون تدميره والقضاء عليه, يريدون تغير عقيدته القتالية فقط بما يخدم توجهاتهم وأطماعهم, لا أن يكون جيشا وطنيا موحدا يحمى الوطن ويحمى سيادته وإستقلاله ووحدته, وهذا ما لا يفهمه ساسة اليمن العتيقين أو ما لا يريدون فهمه, إلا أن ما حدث ينبهنا على أهمية التوجه القوى للحفاظ على الجيش وتربيته التربية التي يجب أن يبتني عليها, ويعيد إلى الواجهة موضوع مهم وهو رفض الهيكلة على الطريقة التي بدأ بها هادي,وأن يكون لنا كشعب ثائر مواقف قوية وأصوات مرتفعة رفضا للوجود الأمريكي, وطرد هذا السفير اليهودي الذي جلب الشر والشؤم على بلدنا وشعبنا, والضغط بقوة للدخول في مرحلة إنتقالية صحيحة تشكل من خلالها (لجنة عسكرية وطنية) من أصحاب الخبرة والكفاءة والنزاهة من اليمنيين الأكفاء الرافضين للتدخلات الأمريكية للإشراف على ترتيب الجيش وتوحيد صفوفه وهيكلته على أسس وقواعد وطنية يكون ولائه لله والدين والوطن, وعقيدته عقيدة جهادية وعدوه أمريكا وإسرائيل تحت سمع الشعب وبصرة لحماية الأجواء اليمنية والسيادة البرية والبحرية وهذا شيء مهم وأساسي.
وما يسعدني أن أختم به هو أهمية وصدق ما كان ينادى به السيد/ حسين بدرالدين (سلام الله عليه) من خطر دخول أمريكا اليمن وقوله في معني كلامه إذا دخل الأمريكيون اليمن فإنهم من ستتوسع على أيديهم القاعدة والعمليات التفجيرية والإرهابية لتصل إلي كل مكان, وها نحن قد وصلنا ألي صدق كل كلمة تفوه بها وحرف نطق به, ولا عزاء لدولة وحكومة تخون بلدها وشعبها وتبيعه بالمجان.
التعليقات مغلقة.