الغرور.. آثاره وعلاجه
الغرور هو ما نكره ان نراه في الآخرين أو يمارسونه علينا لـغــــةً: يطلق الغرور على عدة معان، أهمها: الخداع: سواء أكان للنفس أم للغير، أو للنفس وللغير معاً، ومنه قوله تعالى:{ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}وهو إعجاب العامل بنفسه إعجاباً يصل إلى حد احتقار، أو استصغار كل ما يصدر عن الآخرين بجنب ما يصدر عنه، ولكن دون النيل من ذواتهم، أو الترفع على أشخاصهم'.
ولا شك أن من كان بهذه المثابة فهو مخدوع، الغرور وعدم تقدير العواقب الغرور والإعجاب بالنفس حالة مرضية تعتري الإنسان بسبب الشعور بالتفوّق على الآخرين، والاعتداد بما عنده من قوة، أو مال، أو جمال، أو سلطة، أو موقع اجتماعي، أو مستوى علمي. وتلك الظاهرة المرضية هي من أخطر ما يصيب الإنسان، ويقوده الى المهالك، ويورطه في مواقف، قد تنتهي به الى مأساة مفجعة، صوّرها القرآن بقوله تعالى: (إنّ الإنسان لَيطغى أن رآه استغنى).(العلق / 6 ـ 7)فالناس وربهم لا يحبون ولا يقبلون كل شخص مختال فخور وحذر من تلك الظاهرة في إيراده لوصية لقمان لابنه في القران الكريم : (ولا تُصَعِّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إنّ الله لا يحبّ كلّ مُختال فخور). (لقمان / 18) وتعتبر مرحلة الشباب، لاسيما مرحلة المراهقة، من أكثر مراحل حياة الإنسان شعوراً بالغرور، والإعجاب بالنفس، والاستهانة بالآخرين، أو بالمخاطر والاحتمالات، والدخول في المغامرات. وكم كان لهذا الشعور المرضي أثره السيّئ على سلوك الشباب بما يجلبه عليهم من مآسي. فكم يكون للغرور مثلاً عند الفتى والفتاة من آثار سلبية على اختيار الزوج، أو الزوجة، أو التعامل من قبل أحدهما مع الآخر، أو مع أسرته، دائما يؤدي الغرور الى نتائج سيئة. بل ويُكّون الشعور بالتفوق العلمي لدى المغرور حالة من الاستخفاف بفكر الآخرين وآرائهم، ولقد قاد الغرور العلمي قطاعات واسعة إلى الاستخفاف بالإيمان بالله وبما جاء به النبيون. إن ظاهرة الغرور والإعجاب بما لدى الشباب من قوة، أو جمال، أو مال، أو شعور بالتفوق الاجتماعي، أو العلمي على الآخرين، هي إحدى المشاكل الكبرى في المجتمع، ينبغي علاجها، وتثقيف جيل الشباب ثقافة أخلاقية وتربوية، تجنبهم مخاطر الغرور، والإعجاب بالنفس، عن طريق المدرسة، والإعلام، والأسرة، والضبط القانوني، لاسيما بتعريفهم بالنتائج المأساوية التي انتهى اليها المغرورون والمعجبون بأنفسهم الغرور واثره على الدعوة نتناول هنا ماهو الغرور وأسبابه، وآثاره الوخيمة على العمل الإسلامي، وما هي مظاهر وعلامات المغتر، وأهم الوسائل المعينة على التخلص من هذا الداء أسباب الغرور:
1- إهمال النفس من التفتيش والمحاسبة
2- الإهمال أو عدم المتابعة والأخذ باليد من الآخرين: وهو عدم تقبل النصح من الآخرين والأخذ بنصائحهم ومتابعة نفسه عن الخطاء والتعصب بالرأي. إذ يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” الدِّينُ النَّصِيحَةُ”.
3- الغلو أو التشدد في الدّين: ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ قَالَهَا ثَلَاثًا”. يعني: المتعمّقين، المتجاوزين للحدود في أقوالهم، وأفعالهم. المبالغين فيها حتى تصل إلى الرفض.
4-التعصب والتمسك بأشياء تكون عند المغرور صحيحة وهي لا صحة لها.
5ـ التعمق في العلم، لا سيما غرائب وشواذ المسائل مع إهمال العمل: ولعل ذلك هو السر في دعوة الإسلام إلى أن يكون السعي في طلب العلم دائما حول النافع والمفيد: إذ كان من دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا” بل وأكد على أن يكون هذا العلم مقرونا بالعمل، وإلا كان الهلاك، والبوار؛ إذ يقول الله سبحانه وتعالى:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}
6- الوقوف عند الطاعات مع نسيان المعاصي والسيئات,,, وايضا الوقوف على الأشياء الجيدة التي يفعلها ناسيا او متجاهلا الأخطاء التي تبدر منه: ذلك أن من شأن البشر – سوى النبيين – الصواب والخطأ، وإذا غفل العامل عن ذلك؛ فإنه كثيراً ما يقف عند الطاعة، أو الصواب في الوقت الذي ينسى فيه المعصية أو الخطأ، وتكون العاقبة الإعجاب بالنفس، المقرون باحتقار ما يقع فيه الآخرون إلى جانب ما يصدر عنه، وهذا هو الغرور.
التعليقات مغلقة.