الجنوب إلى أين؟
حضرموت وكل الجنوب ينفجر اليوم بعد طول احتقان ، وبعد سنوات من التراكمات والترحيل للقضايا والتهرب من حلها ، يعيش الجنوب اليوم على صفيح ساخن من الاحداث وتعود التظاهرات الجنوبية لتلقي بظلالها على تفاصيل المشهد اليمني وتغيراته.
في العام 1990م وقعت الوحدة بين دولتين سياديتين قائمتين بمكوناتهما القانونية والدستورية وقيمهما الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية وتركيباتهما الهيكلية والسكانية والثقافية والتي تمخض عنها مشاريع واتفاقيات جديدة للدولة الموحدة كان أهمها ميثاق إعلان الوحدة في 90 وكذلك دستور الوحدة1991 ووثيقة الإجماع الوطني "العهد والاتفاق" في 1994- كل هذه الاتفاقيات تم نقضها والالتفاف على مضامينها القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وتواصلت الخروقات والتداعيات الخطيرة لإسقاط هذا الوليد الجديد "الوحدة" ووأده والانقضاض عليه بافتعال ازمات سياسية خطيرة تمخض عنها اندلاع الحرب في ابريل من 94م بعد ان شنتها قوى "التسلط والإقطاع القبلية والعسكرية والمذهبية فتم تحويل الوحدة من مفهوم الشراكة الوطنية الحقة إلى عناوين ومصطلحات لتبرير وشرعنة ممارسات الفيد والنهب والعبث بثروات ومقدرات البلاد.
بعد أن اجتاحت قوى الاقطاع والفساد العسكرية والقبلية والمذهبية المحافظات الجنوبية في صيف 94 وأوجدت حالة من النكوص والارتداد عن ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات الشراكة بين الشمال والجنوب ومنذ ذلك الحين والجنوبين يبحثون عن مشروع وطني يعيد للوحدة مفهومها ويعيد لهم حقوقهم فانطلقت الشرارة الأولى للحراك السلمي الجنوبي من قبل جمعية المتعاقدين العسكريين ، وأحدثت خرقاً واضحاً في تراكمية العمل السياسي وتحالفاتها القديمة الجديدة في البلاد ، وقدمت نموذجا احتذي به في النضال السلمي والثورة السلمية سبقت ثورة بو عزيزي وثورة 25 يناير في مصر وفبراير في اليمن.
مؤخرا قبلت بعض فصائل الحراك الحوار الوطني وشاركت فيه مجازفة بوضعها ، وقبلت الحوار ودخلت بنواياها الطيبة وربما الغبية إن صح التوصيف ، وما إن توضعت القوى التقليدية في مؤتمر الحوار إلا وبدأت تنسج خيوط لعبتها للإلتفاف على أي مخرجات حقيقية تفضي إلى فرض استحقاقات لصالح القضية، تجسد ذلك في التدخلات الغير قانونية والغير عقلانية وفي التفسيرات الاعتسافية للنظام واللوائح الداخلية للحوار لصالح انتهازيتها ، ما دفع بعض ممثلي مكون الحراك الجنوبي الى الانسحاب من الحوار تهربا من تحمل أي مسؤولية أخلاقية أو سياسية أمام الجنوبيين ازاء المخرجات غير المقبولة التي يتمخض عنها المؤتمر.
اليوم وبعد أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود باتت حضرموت وهي المعروفة بطول باعها في الصبر ، باتت متصدرة للمشهد الجنوبي ، وهو ما يبدو أن سيلها بلغ الزبى ، وقد يبلغ الزبي ويطفح عليه حين لا تجد حضرموت أي تجاوب لحل مشكلاتها والتعامل مع القضية من منطلقات وطنية مسئولة..
ثقوا أن عتاولة اليمن يعيشون رمقهم الاخير فلن يستقر بهم الشمال ولن يهدأ لهم بقية من جنوب.
التعليقات مغلقة.