عملية القطيف ومأزق الهوية للدولة السعودية
الدولة السعودية كيان هش واكثر الدول العربية عرضة لمخاطر التفتيت .فهي دولة او كيان عصبوي يعاني أزمة بنوية في تكوين هويته السياسية والوطنية إذ لا توجد هوية سياسية جامعة تاريخية كانت توحد الامتداد الجيوسياسي لسلطة نظام آل سعود .والتضامن الداخلي لسلطة هذا النظام تضامن عصبوي ما قبل وطني تأسس على التحالف الكاثولوكي بين أسرة ال سعود ومتعهدي المذهب الوهابي, واستفراده بتملك أدوات القهر المادية والمعنوية, ولا زال هذا التحالف هو المعرف للوحدة السياسية للدولة السعودية .
نجح هذا التحالف في ان يوحد تحت سلطته شتيت من امارات واقطاعيات قبلية وتكوينات دينية أو طائفية متنوعة لكنه لم يفكر في صهر هذا الشتات أو التنوع في إطار سياسي ووطني جامع فوق عصبوي يؤسس الدولة والاجتماع السياسي على علاقات المواطنة والمشتركات المحلية الجامعة ,يصلب من وحدته السياسية الداخلية ويجذر لهوية وطنية واحدة.تتجاوز انقساماتها العمودية أو العصبوية التقليدية والتجاور القهري بين تنويعاته الاجتماعية الى تعايش طوعي .
الوحدة السياسية للدولة السعودية وحدة هشة معرضة للخطر في أي وقت وقوتها على احتمال أي اهتزازت اوصراعات اجتماعية هي الأقل حظا بين الوحدات السياسية في الجزيرة والمنطقة العربية عموما,وإصرار النظام السعودي على تصدير التطرف والخطاب الطائفي وتغذية الصراعات الاجتماعية والاثنية بهدف تغير او إسقاط أنظمة الدول المجاورة او بغية السيطرة على قرارها السياسي وتعزيز نفوذها ومعاقبة الخارجين على طاعتها وربما تنجح في اسقاط او معاقبة هذا النظام او ذاك الا ان هذه السياسية ستكون لها ارتدادات عكسية مدمرة لا تأتي على نظام حكم ال سعود بل تنسف هذا الكيان السياسي المسمى “السعودية”.
اليمن العراق سوريا مصر كيانات سياسية ذات امتدادات تاريخية عريقة وهويات قومية تعود لما قبل الدولة الإسلامية التي وحدت تحت سلطتها كل هذه الكيانات بينما السعودية ككيان او وحدة سياسية كيان طارئ ارتبط في نشأته وتشكله بأسرة ال سعود ,وبسقوطها تبقى وحدته من دون أي اسناد تاريخي او حضاري .
السياسة التدميرية للنظام السعودي (والتي تاتي في سياق مشروع للمحافظين الجدد والمتماهية مع ارادة الراسمالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة )بلا شك كانت لها مفرزات سلبية تهدد الوحدة السياسية للبلدان أنفة الذكر لكنها لازالت حتى الان قادرة على الصمود ضدا للمشاريع التفتيتية الطائفية والعصبوية رغم البلاء العظيم الذي لحق بها جراء السياسات الغرائزية البدائية لال سعود ,وعلى العكس هذا الكيان العصبوي حديث النشأة لا يقوى على احتمال جزء يسير مما تسببت فيه أسرة ال سعود .
اوباما في الفترة الماضية في معرض حديثة عن التهديدات التي تتعرض لها المملكة اشار ان الخطر عليها داخلي اكثر مما هو خارجي.
الخطر الحقيقي على نظام ال سعود مصدره من طريقة النظام في ادارة التنوع الاجتماعي خاصة ما يتعلق بوضع شيعة المنطقة الشرقية وطائفة الاسماعيلية في نجران كمواطنين من الدرجة الثانية يتعرضون للتمييز ممنهج ومقنن ينتقص من مواطنتهم وينتهك حقوقهم بشكل سافر إحلال قانون إحدى الهويات التحتية العصبوية (السلفية الوهابية)محل الهوية الوطنية وعلى اساسها يتحددالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لموطني الدولة السعودية اضافة للمسائل المتعلقة بحقوق الانسان والحريات الأساسية للمواطنين وقمع المعارضة .
العاهل السعودي السابق كان قدا بدا بعض الخطوات الإصلاحية المتواضعة لتصحيح وضع المواطنين الشيعة وفي مجال حقوق الانسان ورغم تواضعها وحذرها لقيت معارضة كبيرة من متعهدي الايديولوجيا الوهابية الحاكمة السياسيين والدينين فضلا عن كونها توجيها شفوية من العاهل السابق ولم يتم تقنينها وإصدار مراسيم تنظمها, ومع صعود سلمان تراجع عن تلك الخطوات وتبنى سياسة انقلابية على كل الاصلاحات التي كان قد شرع فيها سلفه ورفع كل المحظورات على أنشطة الجناح المتطرف السياسي والديني وتصاعدت حدة الخطاب الطائفي والتكفيرى ودعم نشاط الجماعات الجهادية الإرهابية في المنطقة وما الجريمية الارهابية التي استهدفت المصلين في احد جوامع القطيف الى احد تداعيات هذه السياسة التدميرة ومؤشر ينذر بالمزيد من التوترات المهددة لهذا الكيان .
التعليقات مغلقة.