منظمة الأمم المتحدة وفشلها في عقد مؤتمر جنيف
السؤال شديد الإلحاح اليوم في الساحة العالمية هو عن المنظمات الدولية ودورها في الفرجه على هموم البشر. وفي مقدمة هذه المنظمات أكبرها وأوسعها انتشاراً واقلها تأثيراً واعني بها منظمة الأمم المتحدة. ومن يتابع تاريخ هذه المنظمة الدولية خصوصاً في مرحلة ما كان يسمى بالحرب الباردة يدرك أنها قد اسهمت بعض الشيء في تخفيف حدة التوترات في بعض مناطق من العالم لكنها في الفترة الأخيرة ومنذ سقوط قطب التوازن “الاتحاد السوفيتي” تحولت إلى منظمة تابعة للقطب الوحيد وصارت ناطقة باسمه ولم يعد لها وجود حقيقي خارج ما يريده هذا القطب بل تماهت وصارت منحازة إليه، وقد أقتصر دورها إلى جانب هذه التبعية المطلقة على المبالغة في ترهل مؤسساتها وزيادة الإنفاق على موظفيها الدوليين ببذخ على حساب الدول المشاركة في وقت يستدعي اختصار هذا الجهاز الكبير الذي لا يعمل شيئاً وصرف ما ينفق عليه للشعوب الفقيرة التي تعاني من انعدام الغذاء والدواء وتعيش على الكفاف ومحكومة بأنظمة فاشلة بكل ما لكلمة الفشل من دلالات واقعية.
ومن هذا الملاحظة الأخيرة ينطلق السؤال الكبير الذي بات على كل لسان وهو: ما الذي فعلته هذه المنظمة المترهلة للفقراء وللمرضى وضحايا الحروب والمجاعات والأوبئة والقمع السياسي؟ وجواب السؤال معروف سلفاً بأن لا شيء استطاعت القيام به هذه المنظمة ومستنسخاتها، صحيح أن بعض الهيئات المستنسخة تستجدي الدول الغنية وتحصل منها على كثير من الأموال لمساعدة بعض الدول الفقيرة ولكنها تنفق أغلب تلك الأموال على موظفيها والقائمين على توزيع تلك المساعدات مما يؤكد
اللا جدوى في هذه الأنشطة الإغاثية المفتعلة والصورية، والتي جلبت الكثير من الهجوم والنقد الموضوعي على المنظمة – أما على الصعيد السياسي وفشل المنظمة في التصدي للحروب والتخفيف من أثارها المدمرة فإن الأمر في غاية الوضوح ولا يحتاج منا إلى تقديم الشواهد والأمثلة الدامغة.
إن الكلام والكلام وحده هو ما تبقى لهذه المنظمة الدولية ومن أبرز العبارات التي بات المواطن العادي في كل مكان من العالم يتندر بها على هذه المنظمة عبارة “ضبط النفس” وهي تقال للظالم والمظلوم، للمعتدي والمعتدى عليه وكل منهما يفسرها على هواه، وقد ترددت هذه العبارة إلى درجة الملل في الصراع العربي الصهيوني، وفي الحروب العدوانية التي خاضها الكيان الصهيوني على غزة ولبنان، ومنذ اتفاقية “اسلو” حتى هذه اللحظة والكيان يتوسع ويقضم الأراضي الفلسطينية ويبني مستعمراته عليها وعلى منازل المواطنين الفلسطينيين بعد هدمها والمنظمة الدولية لا تكف عن الدعوة إلى “ضبط النفس” ولا يختلف الأمر مع مولودها “مجلس الأمن” الذي يردد كالببغاء العبارة نفسها في احتقار بالغ لإنسان الألفية الثالثة وللرأي العام العالمي بكل ما اختزنه من تجارب وملاحظات.
وإذا كانت انظار العالم كلها موجهة إلى الوطن العربي وما يعصف به من حروب وأحداث سياسية وعسكرية فإن الجهة المسؤولة بالدرجة الأولى عن سلام العالم واستقراره هي الأمم المتحدة لكننا لا نراها ولا نشهد لها وجوداً سوى في أخبار مبعوثيها الذين يتم اختيارهم بعد فحص شديد ليكونوا صورة طبق الأصل منها ومن سلبيتها وحياديتها. ويمكن استثناء واحد من أولئك المبعوثين وهو السفير الأخضر الإبراهيمي الذي صهرته المحن وعصرته التجارب فقد القي استقالته في وجه الأمين العام وتخلّى عن مهمة المبعوث حامل البريد بين المتقاتلين كما أريد له أن يكون. ومنذ سنوات وبعد أن بدأت هذه المنظمة الدولية تفتقد أهميتها وقدرتها تتعالى الأصوات بضرورة البحث لها عن بديل مع انتقال مكانها إلى بلد آخر لا يكون له السطوة والسيطرة على مواقفها وما تتخذه من قرارات في صالح عالم يتداعى وتنهشه المتناقضات والحروب.
التعليقات مغلقة.